مدار الساعة - إبراهيم السواعير - يؤكّد وزير الثقافة مصطفى الرواشدة، وفي كلّ لقاءاته مع النخب ومؤسسات المجتمع المدني والشباب، أنّ مفهوم الثقافة، ليس فقط في قراءة الكتاب أو الأمسية الشعرية أو العمل الفني؛ بل هو مفهوم يتغلغل في حياة الناس والمجتمع؛ فيتسع ليؤثر في كل الملفات والقطاعات الوطنيّة، الاجتماعيّة والسياسية والاقتصادية؛ حتى قطاع البيئة؛ كاشفًا عن عمل وزارة الثقافة المقبل في موضوع البيئة؛ باعتبارها أولوية، بالتعاون مع وزارة البيئة والجهات ذات العلاقة.
وينطلق الرواشدة، من أنّ الثقافة هي نهج حياة متكامل؛ داعيًا الشباب إلى النهوض بالوطن وتحمّل مسؤولياتهم، كلّ في مجاله.وفي لقائه، صباح أمس في المركز الثقافي الملكي، عددًا من أعضاء جمعية "محافظتي"، في جلسة حواريّة مكاشفة، حثّ الرواشدة أعضاء الجمعيّة على المبادرة ومواصلة العطاء؛ مؤكّدًا أن وزارة الثقافة تفتح أذرعتها وأبوابها لكلّ من يريد المساهمة في خدمة الوطن؛ باعتبار الشباب عنصرًا شريكًا في أعمال وزارة الثقافة العديدة والمتشعبة في أكثر من قطاع أو ملف.ويستند الرواشدة في ذلك إلى عمل ثقافي لا ينتظر التأخير في كلّ الألوية والمحافظات، مقدّمًا إطلالة على اهتمام وزارة الثقافة بتنمية المجتمع المحلي والتأثير فيه، وفي ذلك ذكر أحدث ملفّ يعمل عليه، وهو ملفّ المكتبات التي تنشأ تباعًا في المحافظات والمناطق النائية، وأحدثها مكتبة بلدية الجفر في قضاء الجفر في البادية الجنوبية بمعان، ومكتبات أخرى في الباديه الشماليه الشرقية بالمفرق.وينوّه الرواشدة بأنّ هناك فهمًا محدودًا وصورة تمطية لعمل وزارة الثقافة؛ في حين أنّ أعمالها متنوعة وغطّت كل الاهتمامات بل ودخلت في كلّ القطاعات، إذ لا يقتصر عملها على رعاية النشاطات والمشاركة فيها؛ بل تعمل بشكل منظّم للدخول والنفاذ إلى السلوك المجتمعي وتوجيهه بشكل واعٍ وحضاري؛ وفي ذلك يؤكّد الرواشدة قيمة المراكز الثقافية التابعة للوزارة في المحافظات، ودور هذه المراكز في التنوير الثقافي ونشر الفنون الحضارية في الآداب والفنون وما إلى ذلك من معارف، لافتًا إلى معهد تدريب الفنون الجميلة وأفواج الخريجين والحركة النشطة عليه، داعيًا الشباب إلى الانضمام إليه والاستفادة من مزاياه.كما يؤكّد الرواشدة أهمية حواضن الفعل الثقافي، كالمركز الثقافي الملكي ومسارحه، ودائرة المكتبة الوطنية؛ باعتبارها ذاكرة الأجيال والوطن والتاريخ الأردني.أهميّة اللقاء الشبابي كانت في أنّ الرواشدة عزز مفردات وعي الجيل الحالي في المواطنة والعمل للوطن وقيم الدولة الأردنية، وأن يعمل الإنسان لوطنه ويشعر بواجبه تجاهه، مؤكدًا أنّ هذه المفاهيم هي من صلب عمل وزارة الثقافة، من خلال أنشطتها الثقافية وندواتها ومؤتمراتها وملتقياتها وأعمالها اليومية والمنتظمة.وتبرز أهمية الوزارات المساندة لوزارة الثقافة في عملها؛ كوزارة التربية والتعليم ووزارة السياحة ووزارة البيئة وغيرها، كما في تأكيد الرواشدة قيمة "المواطنة الصالحة"، في مناهج وزارة التربية والتعليم، على سبيل المثال، مضيفًا إلى ذلك مفردات التراث الشعبي والمنصات التي تقوم الوزارة بإطلاقها لتوثيق هذا التراث.ويركز الرواشدة على المكان الأردني واحتياجاته في قراءة وضعه الثقافي، مشيرًا إلى مشروع مكتبة في لواء المعراض بجرش، الذي يحتفل هذا العام بكونه لواء للثقافة الأردنية 2025 ، وكذلك أعمال قريبة مماثلة في لواء الشونة، كما تحدث الرواشدة عن الأغنية الوطنية وقيمة مهرجان الأغنية الأردنية، لترسيخ المعاني والقيم الإيجابية الوطنيه والإنسانية.وفي تشجيعه الشباب الأردني، تمثّل الرواشدة، ومن واقع زياراته إلى دول أجنبية، بكيف يحتفي الآخر الصديق بتراثه وإبراز ثقافة بلده ويعتني بها من منطلق أنها ثقافة وطنية، مؤكدًا اهتمام وزارة الثقافة بـ "تعميم الثقافة"، وتكريس قيم اجتماعيّة تنقل الثقافة من المفهوم الضيق الذي درج عليه الناس في تعاطيهم مع الوزارة، إلى المفهوم الشامل الذي يؤكد أنّ الثقافة مفهوم متعدد ويتخلل كل أعمال الناس وتفكيرهم؛ ولذلك أكد الوزير أهمية المبادرات الثقافية وشعور الشباب الوطني بعظم المنجز الأردني في ظل القيادة الحكيمة لجلالة الملك عبدالله الثاني وسمو ولي عهده الأمين الحسين بن عبدالله الثاني، في الحثّ على هذه المبادرات والثناء على من يقومون بها، من واقع الزيارات الميدانية لسموّه في ذلك.وكان موضوع "الصناعات الثقافية" محورًا مهمًّا من محاور الحديث، في تأكيد أنّها هذا الملف مرتبط بالملف الاقتصادي؛ في حديث الرواشدة عن تجربة الدول الرائدة في أن تكون هذه الصناعات الثقافية جزءًا من الناتج المحلي الإجمالي لها، وفي ذلك يرى الرواشدة أهمية هذا الموضوع بالتنسيق مع وزارة السياحة، ومسؤولية تعميق صناعة المنتجات الإبداعية والثقافية، كطموح وطني، وتمكين المرأة والأسر للعناية والاستمرر في هذه الصناعات، بل وجعلها متقدمة وذات أثر حتى في التسويق والانتقال من البساطة إلى الدخل الاقتصادي.ومن المهم في الجانب التسويقي لهذه الحرف والإبداعات، كما يدعو الرواشدة، أن تكون مبيعاتنا للسياح سهله الاقتناء ومعبرة عن هويتنا، وذات أثر في نفس السائح الأجنبي الذي يزور الأردن.وفي إحدى محطات اللقاء، أجاب الوزير عن موضوع التوثيق الرقمي، مؤكدًا على مداخلات الشباب الذين تحدثوا عن الرقمنة والتحول الرقمي والأرشفة الرقمية، إضافةً إلى الأرشفة الورقية والاهتمام بتاريخ الأردن والمنصات ذات العلاقة.وكان لـ"البيوت الثقافية"، نصيب من النقاش، في تأكيد الرواشدة أهمية البيوت الثقافية في المحافظات في استقطاب ضيوف الأردن وجعلهم على اطلاع بتاريخنا من خلال قصص التراث والأكلات الشعبية والأزياء وغير ذلك من عناصر التراث الثقافي المادي وغير المادي.ودائمًا، للمتحف دوره، كما يؤكد الرواشدة، في أنه يعطي صورة بانورامية عن الأردن وثقافته وحضوره وجذوره الضاربة في التاريخ، وأيضًا صناعاته وتراثه واهتماماته؛ ولهذا يشير الوزير إلى العمل على إنشاء متاحف مناسبة في المحافظات، لافتًا إلى إنشاء مكتبة قريبًا في قضاء الشوبك الذي يحتفل هذا العام بكونه لواء للثقافة الأردنية 2025.وفي سياق المتاحف، يرى الرواشدة أنّه من الضروري تجهيز مبانٍ للتراث في المناطق والمدن، وإعادة تأهيل البيوت التراثية، مؤكدًا ما تحمله هذه البيوت من أسماء رموز أردنية مهمة في تاريخنا الوطني والأدبي، مثل "بيت عرار" الذي أعادت الوزارة تأهيله ورفده بالكتب والمقتنيات اللازمة، ليظلّ منارةً يستقبل الزوار ويكون صورة عن شاعر الأردن الراحل مصطفى وهبي التل "عرار".4000 فعالية ثقافية قدمتها وزارة الثقافة خلال ثمانية أشهر، هو رقم كبير وغير مسبوق، كما يقول الرواشدة، خصوصًا وأنّ وزارة الثقافة تقوم بزيارات يومية ورعايات مستمرة لنشاطات كثيرة، من منطلق مباركة جهود القائمين على الفعل الثقافي، كان أحدثها مهرجان جرش للثقافة والفنون ومهرجان صيف الأردن ومهرجان الفحيص للثقافة والفنون.وردًّا على سؤال أحد الشباب في اللقاء، حول الثقافة السياسية، يرى الرواشدة أنّ الثقافة السياسية لا تدرّس، بل هي تجربه وممارسة يومية يكتسبها الإنسان بوعي وفكر ورونق معين، وكذلك موضوع الأحزاب وغيرها من المواضيع ذات العلاقة.وفي موضوع الاهتمام بأدب الطفل، أشار الوزير إلى اهتمام وزارة الثقافة بتأسيس مديرية للطفل، تراعي اهتماماته ومواهبه، وكذلك أكّد اهتمامها بمجلات مناسبة في هذا المجال.الرواشدة في لقاء شبابي يؤكد قيمة 'المواطنة الصالحة' (صور)

مدار الساعة ـ