أخبار الأردن اقتصاديات دوليات وفيات برلمانيات مجتمع وظائف للأردنيين أحزاب مقالات أسرار ومجالس مقالات مختارة تبليغات قضائية مناسبات مستثمرون جاهات واعراس الموقف شهادة جامعات مغاربيات خليجيات دين ثقافة رياضة اخبار خفيفة سياحة الأسرة طقس اليوم

الكتل البرلمانية.. وجود فائض عن الحاجة


مكرم الطراونة

الكتل البرلمانية.. وجود فائض عن الحاجة

مدار الساعة (الغد الأردنية) ـ

الدورة العادية الثانية لمجلس الأمة العشرين تقترب من انطلاقتها، ولا شيء في بال النواب الأعزاء سوى من هو الذي سيحظى بالجلوس على كرسي الرئاسة للدورة؟ أما التفكير الجدي بتحسين الأداء، والتصالح مع المواطن، فهي أمور مؤجّلة لدى نوابنا، ولا تحظى بالاهتمام المطلوب.

في العاشر من أيلول (سبتمبر) من العام الماضي، أُجريت انتخابات مجلس النواب، وفق قانون جديد، ورؤى ملكية، فتحت الطريق أمام الكتل الحزبية للعمل تحت القبة، للتمرس على السياقات التي تقود إلى الحكومات البرلمانية.

لكن، وبعد عام كامل من عمل مجلس النواب، ما نزال نرى الأداء نفسه الذي عملت من منظوره المجالس السابقة، وكأنما لم تكن هناك منظومة كاملة من التحديث السياسي عمل عليها مئات الأشخاص طوال أشهر عديدة!

فجيعتنا الكبرى لم تكن بالنواب المستقلين، بل هي في النواب المتحزبين الذين ينضوون ضمن الكتل الحزبية، ويمتلكون، كما نفترض، برنامجا ورؤية لإدارة الدولة، طالما أنهم يأملون في الوصول إلى الحكومات البرلمانية. إن هذه الكتل؛ منفردة أو ضمن تكتلات أوسع، يفترض بها أن تقوم بالمعارضة الإيجابية التي تنطلق من المصلحة العامة، وأن تمارس عملها كحكومة ظل حقيقية تمتلك الرؤية والقدرة على أن تكون إضافة حقيقية في جميع الملفات المطروحة اليوم على الساحة الأردنية.

لكن، ولسوء الحظ، لم يظهر أي من هذه الممارسات في أداء نواب المجلس الحالي، بما فيها الكتل الحزبية، فقد أخفقت بدورها الأساسي في الانتقال بالعمل النيابي من الطابع الفردي والمناطقي، إلى العمل الجماعي المنظم، وتناست برامجها التي تشدقت بها طويلا وهي تحشد الناخبين للفوز بأصواتهم.

ما تزال ممارسات هذه الكتل وطريقة عملها بعيدة كل البعد عن ترسيخ الأداء الديمقراطي في العمل البرلماني، فهي مأسورة للنموذج المشوّه والهجين الذي ساد منذ تسعينيات القرن الماضي، والذي منح النائب صفة أقرب إلى "المؤسسة الخدمية المناطقية"، وذلك على حساب دوره الأصيل في الرقابة والتشريع والاقتراح والاجتهاد، ليكون بديلا موضوعيا عن الحكومة.

وإذا كان مجلس النواب؛ بكتله ومستقليه، قد اكتفوا من الجانب التشريعي بما قدمته لهم الحكومة من مشاريع قوانين، ولم يجتهدوا في اقتراح مناقشة وتشريع أي قوانين خارج "قائمة الحكومة"، فإن الدور الرقابي يظهر أكثر إحباطا، وذلك حين نسمع من نواب داخل المجلس أنه كان لهم ملاحظات عديدة على بعض الوزراء، وأن وزراء لم يكونوا يبالون أبدا بملاحظاتهم، ولا يجيبون على مكالماتهم التي يريدون من خلالها الاستفسار عن أمور في الشأن العام تخص تلك الوزارات، ومع ذلك لم نرَ أي ردود فعل رقابية تجاه أولئك الوزراء المتمردين، فلم يتم طرح أي وزير للثقة تحت القبة، بل اكتفى النواب بالهمهمات والشكوى!

أداء مجلس النواب الحالي لا يختلف أبدا عن سابقيه، فهو لم يطور أدواته، ولم يدخل في مواجهة مع الحكومة، بل إن المفارقة هو أن أعضاء الحكومة نفسها دخلوا في مواجهات داخلية أكثر مما قام به النواب تجاههم، وهي مفارقة ساخرة تؤكد أن الحكومات ما تزال متقدمة كثيرا على النواب.

أداء الكتل البرلمانية المهزوز يكرس ضعف الثقة الشعبية بالأحزاب، وهي التي جاءت إلى العبدلي من أجل إعادة الثقة بها، ما يؤكد أن الدور الدستوري لها ما يزال شبه معطل، وإذا كنا قد أطلقنا على بعض أعضائه لقب "كتل حزبية"، فإن المعنى الاصطلاحي لهذا المسمّى لم يتحقق أبدا، وبالتالي فهو وجود فائض عن الحاجة، ولم يحقق وظيفته الأساسية. أما الحكومات البرلمانية، فهي لن تتحقق بمثل هذا الأداء الضعيف الباهت.

مدار الساعة (الغد الأردنية) ـ