أخبار الأردن اقتصاديات دوليات وفيات برلمانيات مجتمع وظائف للأردنيين أحزاب مقالات مختارة تبليغات قضائية مقالات أسرار ومجالس مناسبات مستثمرون جاهات واعراس الموقف شهادة جامعات دين مغاربيات خليجيات اخبار خفيفة ثقافة رياضة سياحة الأسرة طقس اليوم

المُحافظة عَلَى مَا اعتاده من الخير واستحباب طيب الكلام وطلاقة الوجه عند اللقاء

مدار الساعة,شؤون دينية
مدار الساعة ـ
حجم الخط

مدار الساعة -قَالَ الله تَعَالَى: إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ [الرعد:11].

وقال تَعَالَى: وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا [النحل:92].

وقال تعالى: وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ [الحجر:88].

وقال تَعَالَى: وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ [آل عمران:159].

1/691- وعن عبداللَّه بن عمرو بن العاص رضي اللَّه عنهما قَالَ: قَالَ لي رَسُول اللَّه ﷺ: يَا عبْدَاللَّه، لا تَكُنْ مِثل فُلانٍ؛ كَانَ يقُوم اللَّيْلَ فَترَك قيَامَ اللَّيْل متفقٌ عَلَيهِ.

1/692- عَنْ عدِيِّ بنِ حَاتمٍ  قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه ﷺ: اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، فَمَنْ لَمْ يجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ متفقٌ عَلَيْهِ.

2/693- وعن أبي هريرة : أنَّ النبيَّ ﷺ قَالَ: والكلِمةُ الطَّيِّبَةُ صدَقَةٌ متفقٌ عَلَيْهِ. وَهُوَ بعض حديثٍ تقدم بطولِه.

3/694- وعن أَبي ذَرٍّ  قَالَ: قَالَ لي رسولُ اللَّه ﷺ: لا تَحْقِرَنَّ مِنَ المَعْرُوفِ شَيْئًا، وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أخَاكَ بِوَجْهٍ طَلقٍ رواه مسلم.

الشيخ: هذه الآيات الكريمات والأحاديث الصحيحة عن رسول الله ﷺ كلها تتعلق بالحثِّ على الاستقامة على الخير الذي اعتاده مما شرعه الله، وعدم التفريط فيه، كما تتضمن أيضًا الحثّ على حُسن الخلق، وطيب الكلام، وطلاقة الوجه من المؤمن مع أخيه، إلا إذا وجدت أسباب تمنع ذلك، إذا وجدت أسباب تُوجب الهجر والشدة فلا بأس، وإلا فالأصل أن المؤمن مأمور بحُسن الخلق وطلاقة الوجه وطيب الكلام، والحذر من ضدِّ ذلك، يقول الله جلَّ وعلا في كتابه الكريم: وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا، ويقول جلَّ وعلا: إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ [الرعد:11]، ويقول جلَّ وعلا: وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ [القلم:4].

وكان حسن الخلق عليه الصلاة والسلام، طيب الكلام، قال : فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ [آل عمران:159]، فكان طيب الكلام، طليق الوجه عليه الصلاة والسلام، وقال جلَّ وعلا: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [النحل:125]، وقال تعالى: وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ [العنكبوت:46]، ولما بعث موسى وهارون إلى فرعون قال لهما: فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى [طه:44].

فالمؤمن مأمور بطيب الكلام ولين الجانب مع إخوانه، ومع أهل بيته، ومع جيرانه، إلا مَن اقتضى الشرع الإغلاظ له وهجره؛ لإظهاره المنكرات، هذا شيء آخر، مثلما قال جلَّ وعلا في أهل الكتاب: إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ.

ويقول النبي ﷺ لعبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: يا عبد الله، لا تكن مثل فلانٍ، كان يقوم الليل فترك قيام الليل يحثّه على الاستمرار والثبات على قيام الليل ولو قليلًا، قال الله في صفة المتقين: كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ۝ وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ [الذاريات:17- 18]، هذه من صفات أولياء الله، وقال في صفات عباد الرحمن في سورة الفرقان: وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا [الفرقان:64]، هكذا صفاتهم وأخلاقهم العظيمة.

وقال لعبدالله بن عمر: نعم الرجل عبدالله لو كان يُصلي من الليل، فقالت حفصة: فما زال عبدالله يُصلي من الليل منذ سمع من النبي هذا. ما كان ينام من الليل إلا قليلًا رضي الله عنه وأرضاه.

وفي "الصحيحين" أنه ﷺ أوصى أبا هريرة بصلاة الضحى: ركعتي الضحى، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، والوتر قبل النوم، وأوصى أبا الدرداء بذلك أيضًا: بصلاة الضحى، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، والوتر قبل النوم، وقال لأبي ذرٍّ: لا تحقرنَّ من المعروف شيئًا، ولو أن تلقى أخاك بوجهٍ طلقٍ طلق يعني: منبسط، وقال لعدي بن حاتم : ما منكم من أحدٍ إلا سيُكلمه ربُّه ليس بينه وبينه ترجمان، فينظر عن يمينه فلا يرى إلا ما قدَّم، وينظر عن شماله فلا يرى إلا ما قدَّم، وينظر تلقاء وجهه فلا يرى إلا النار، فاتَّقوا النار ولو بشقِّ تمرةٍ.

فالإنسان يفعل الخير ولو قليلًا، فمَن لم يجد فبكلمةٍ طيبةٍ، الإنسان يحرص على الخير: إما بالصدقة والمعروف ولو قليلًا، وإما بالكلام الطيب، كما في حديث أبي هريرة: يقول ﷺ: الكلمة الطيبة صدقة التسبيحة صدقة، التحميدة صدقة، التهليلة صدقة، الكلمة الطيبة صدقة، فهكذا الصدقة القليلة تنفع، تقدم قوله ﷺ: كل معروفٍ صدقة.

وفي "صحيح البخاري" عن عائشة رضي الله عنها قالت: جاءتني امرأة ومعها ابنتان تشحذ –تسأل- فلم أجد في البيت إلا ثلاث تمرات، فدفعتُها إليها، فأعطت كل واحدةٍ من ابنتيها تمرةً، ورفعت الثالثة لتأكلها، فاستطعمتها ابنتاها التمرة الثالثة –يعني: أكلتا تمرتين، كانتا أسرع منها، واستطعمتاها التمرة الثالثة- فشقَّتها بينهما نصفين ولم تأكل شيئًا، قالت عائشة: فأعجبني شأنها، فلما جاء النبي ﷺ أخبرته بشأنها فقال: إنَّ الله أوجب لها بها الجنة يعني: أوجب لها بهذه الرحمة لهاتين الطفلتين.

فهذا يدل على فضل الصدقة والرحمة والإحسان، وأن الله جلَّ وعلا يأجر على هذا، ويُثيب على هذا الثواب الجزيل.

وفي هذا الدلالة على أنه ينبغي للمؤمن القناعة والصبر على الشدة، بيت النبي ﷺ ما وُجد فيه إلا ثلاث تمرات في بعض الأحيان، وهو بيت أفضل الخلق، فهذا يدل على أنه ينبغي للمؤمن التصبر والتحمل، ولو أصابه الفقر لا يجزع، بل يتحمل ويأخذ بالأسباب التي شرعها الله، فله أسوة في نبي الله ﷺ، وربما ربط الحجر على بطنه من شدة الجوع عليه الصلاة والسلام، وهكذا كثير من الصحابة أصابتهم شدة في المدينة، ثم وسَّع الله عليهم والحمد لله.


مدار الساعة ـ