أخبار الأردن اقتصاديات دوليات وفيات برلمانيات مجتمع وظائف للأردنيين أحزاب مقالات أسرار ومجالس مقالات مختارة تبليغات قضائية مناسبات مستثمرون جاهات واعراس الموقف شهادة جامعات مغاربيات خليجيات دين ثقافة رياضة اخبار خفيفة سياحة الأسرة طقس اليوم

هل الرذاذ المتطاير من الكلب نجس؟

مدار الساعة,شؤون دينية
مدار الساعة ـ
حجم الخط

مدار الساعة - كان هناك كلب جالس في بركة صغيرة من الماء، ثم قام عنها، ونفض بعض الماء عن جسده، وكنت أمر بجواره، فأصابني رذاذ من هذا الماء، أصاب ملابسي، وجزءا من قدمي، فهل تنجس بدني وملابسي؟ وكيف أطهرهما لو كانا تنجسا؟

الجواب:الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

ذهب جمهور أهل العلم إلى نجاسة بدن الكلب، وأنّه متى باشره الإنسانَ، حال رطوبة البدن، أو يد اللامس فقد تنجس به.

ومستند الجمهور قوله صلى الله عليه وسلم: (طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات، أولاهن بالتراب) رواه مسلم (279).

قال النووي رحمه الله:

واعلم أنه لا فرق عندنا بين ولوغ الكلب، وغيره من أجزائه؛ فإذا أصاب بوله أو روثه أو دمه أو عرقه أو شعره أو لعابه، أو عضو من أعضائه، شيئا طاهرًا، في حال رطوبة أحدهما= وجب غسله سبع مرات، إحداهن بالتراب انتهى من شرح النووي على مسلم (3/ 185).

وقال الصنعاني رحمه الله:

"وهو ظاهرٌ في نجاسةِ فَمِه، وأُلحِقَ به سائِرُ بَدَنِه، قياسًا عليه؛ وذلك لأنَّه إذا ثبت نجاسةُ لُعابِه، ولُعابُهُ جزءٌ من فَمِه؛ إذ هو عرق فَمِه، ففَمُه نَجِسٌ؛ إذ العرق جزءٌ متحلِّبٌ من البَدَنِ، فكذلك بقيَّةُ بَدَنِه". "سبل السلام" (1/116).

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:

"وأما مس هذا الكلب: فإن كان مسه بدون رطوبة، فإنه لا ينجس اليد، وإن كان مسه برطوبة فإن هذا يوجب تنجيس اليد، على رأي كثير من أهل العلم، ويجب غسل اليد بعده سبع مرات، إحداها بالتراب" انتهى من مجموع فتاوى ورسائل العثيمين (11/ 246).

وعلى هذا القول -قول جماهر أهل العلم- فإن ما أصاب بدنك وملابسك من رذاذ متطاير من بدن الكلب، فإنه نجس؛ يجب غسله سبع مرات، إحداهن بالتراب.

سُئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:

" يوجد نقاط تفتيش في بعض المؤسسات الكبرى يستخدم فيها الكلاب المدربة، فتدخل في مقدمة السيارة ثم تبدأ بالشم واللحس. فهل تتنجس بذلك المقاعد والأماكن التي قام الكلب بشمها أو لحسها؟ وجزاكم الله خيراً.

فأجاب: أما الشم فإنه لا يضر؛ لأنه لا يخرج من الكلب ريق، وأما اللحس فيخرج فيه من الكلب ريق، وإذا أصاب ريق الكلب ثياباً أو شبهها: فإنها تغسل سبع مرات، ولا نقول: إحداها بالتراب؛ لأنه ربما يضر، لكن نقول: يستعمل عن التراب صابوناً أو شبهه من المزيل ويكفي مع الغسلات السبع " انتهى من "لقاء الباب المفتوح" (لقاء 49 / 8 ).

ثانياً:

ذهب بعض أهل العلم إلى أن نجاسة الكلب مختصة بفمه.

بل ذهب بعضهم إلى عدم نجاسة الكلب، مطلقا.

والقول باختصاص نجاسة الكلب بفمه، هو مذهب الأحناف. واختاره شيخ الإسلام.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:

"وأما الكلب فقد تنازع العلماء فيه على ثلاثة أقوال: أحدها: أنَّه طاهرٌ حتى ريقه، وهذا هو مذهب مالك. والثانـي: نجس حتى شعره، وهذا هو مذهب الشافعي، وإحدى الروايتين عن أحمد. والثالث: شعره طاهـر، وريقه نجسٌ، وهذا هو مذهب أبي حنيفة، وأحمد في إحدى الروايتين عنه.

وهذا أصحُّ الأقوال، فإذا أصاب الثوبَ أو البدنَ رطوبةُ شعره لم ينجس بذلك" انتهى من "مجموع الفتاوى" (21/530).

وقال في موضعٍ آخر:

"وذلك لأنَّ الأصل في الأعيان الطهارة، فلا يجوز تنجيس شيء ولا تحريمه إلا بدليلٍ؛ كما قال تعالى: (وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُّرِرْتُم إِلَيْهِ) الأنعام/119، وقال تعالى: (وَمَا كَانَ اللهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَدَاهُم حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُم مَا يَتَّقُونَ)...

وإذا كان كذلك: فالنَّبيُّ صلى الله عليه وسلم قال: (طُهُورُ إِنَاءِ أحَدِكُمْ إِذَا وَلَغَ فِيهِ الكَلْبُ أنْ يَغْسِلَهُ سَبْعاً، أولاَهُنَّ بِالتُّرَابِ)، وفي الحديث الآخر: (إذَا وَلَغَ الكَلْبُ…) فأحاديثُه كلُّها ليس فيها إلا ذكر الولوغ، لم يذكر سائر الأجزاء، فتنجيسها إنما هو بالقياس...

وأيضاً: فالنَّبيُّ صلى الله عليه وسلم رخَّص في اقتناء كلب الصيد والماشية والحرث، ولا بد لمن اقتناه أنْ يصيبه رطوبةُ شعوره، كما يصيبه رطوبةُ البغل والحمار وغير ذلك، فالقول بنجاسة شعورها والحال هذه من الحرج المرفوع عن الأمة " انتهى من "مجموع الفتاوى" (21 /617- 618).

والذي سبق الفتوى به في الموقع قول جماهير أهل العلم؛ أن ما أصاب الإنسان من نجاسة بملامسة الكلب حال الرطوبة؛ فالواجب غسله سبع مرات، إحداهن بالتراب، أو ما يقوم مقامه من المنظفات.

والمسألة من مسائل الخلاف السائغ المعتبر، بين أهل العلم؛ فلا حرج على من ترجح عنده ما يقابل هذا القول، إما اجتهادا سائغا، إن كان من أهله، أو تقليدا لمن قال بذلك من أهل العلم؛ فلا حرج عليه أن يعمل به في خاصة نفسه، أو يفتي به، إن كان من أهل الاشتغال بالفتيا.

والله أعلم.


مدار الساعة ـ