أخبار الأردن اقتصاديات دوليات برلمانيات وفيات أحزاب وظائف للأردنيين مجتمع مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية مستثمرون الموقف شهادة جاهات واعراس مناسبات جامعات بنوك وشركات دين اخبار خفيفة رياضة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

الزعبي يكتب: عن أي استثمار يتحدثون يا دولة الرئيس؟


محمد علي الزعبي

الزعبي يكتب: عن أي استثمار يتحدثون يا دولة الرئيس؟

مدار الساعة ـ

عن أي استثمار يتحدثون يا دولة الرئيس؟ نحن واثقون أن دولتكم لستم مقتنعين حقًا بما يُعرض على مكتبكم من تقارير مزيّنة وأرقام لامعة تُسوّق كإنجازات عظيمة، فالأرقام التي حملتها وزارة الاستثمار في تقاريرها الأخيرة لا تصمد أمام عين الفاحص المدقق ولا أمام سؤال المواطن البسيط: ماذا تحقق فعلًا على أرض الواقع؟

تقول وزارة الاستثمار إن عدد الشركات المسجلة على منصتها تجاوز تسعة آلاف شركة، وإنها تواصلت مع 313 مستثمرًا. لكن السؤال البديهي .. أين هي هذه الشركات؟ هل أرست قواعدها الصناعية والتجارية على أرض الأردن؟ هل خلقت فرص عمل؟ هل رفدت الاقتصاد الوطني بعوائد حقيقية تُذكر؟ أم أن هذه الشركات مجرّد أسماء على منصة رقمية تُزيّن أوراق التقارير الرسمية وتلمّع صورة وزارة عجزت عن إقناع المستثمر المحلي قبل الأجنبي؟

الوزارة تتغنى بمنصاتها، وتفاخر بتواصلها مع مستثمرين لم يخطوا خطوة واحدة نحو تأسيس مشاريع ملموسة، الأرقام التي تُعرض ليست سوى تجميل لمشهد باهت، تسويغ لأداء لم يلامس جوهر الاستثمار، ولم ينجح في تحويل الأردن إلى بيئة جاذبة كما يروّج، فالمستثمر الذي يبحث عن بيئة آمنة وقوانين مستقرة لا تغريه أرقام على الورق ولا وعود في الهواء، بل تغريه مؤسسات قوية ونافذة واحدة لا متاهات، وسياسات اقتصادية مستقرة لا ارتجال فيها.

يا دولة الرئيس، لو كان الاستثمار كما تصفه وزارة الاستثمار، لرأينا أثره في محافظاتنا، في شبابنا الباحث عن عمل، وفي مصانعنا التي تئن تحت وطأة الكلف العالية، وفي مشاريعنا الوطنية التي تتعثر منذ سنوات. لكن الواقع يقول إن الوزارة غارقة في بيروقراطيتها، منشغلة بمؤتمرات وشعارات لا تعني المستثمر بشيء، بينما يقف المواطن على أبواب البطالة، ورأس المال الأجنبي يمر من الأردن إلى غيره من الدول.

الاستثمار ليس أرقامًا على الورق ولا إعلانات في المنصات، الاستثمار هو ثقة تبنى، قوانين مستقرة، بيئة تنافسية، ومؤسسات تعرف أن دورها خدمة المستثمر لا التنظير عليه، وللأسف، لم تثبت وزارة الاستثمار حتى الآن أنها قادرة على أن تكون تلك المؤسسة المرجعية، بل باتت عبئًا إداريًا يضاعف من تشتت الجهود الاقتصادية ويكرّس ازدواجية القرار.

دولة الرئيس .. إن كنتم جادين يا دولة الرئيس في إصلاح المنظومة الاقتصادية وتعزيز بيئة الأعمال، فإن أول خطوة حقيقية تكمن في إعادة النظر في وزارة الاستثمار ودمجها مع وزارة الصناعة والتجارة والتموين، لخلق وزارة واحدة متماسكة، صاحبة رؤية واضحة، تمتلك القدرة على صناعة القرار ومتابعة تنفيذه، بعيدًا عن التضارب الإداري والبيروقراطية العقيمة.

دمج الوزارتين ليس مجرد تقليص عددي، بل خطوة استراتيجية لإعادة الهيبة إلى ملف الاستثمار، وجعل الأردن وجهة جاذبة بحق، لا مجرد أرقام على منصات، ولا تقارير للتجميل والتسويق.

مدار الساعة ـ