من نعم الله على البشرية في العصر الحالي التطور التكنولوجي الحديث أو ما يعرف بعصر التكنولوجيا وجزء لا يتجزأ منها الإعلام الرقمي الذي تتسارع فيه التطورات التقنية بشكل غير مسبوق، فهو مرآة للإنجازات الهامة وله دور محوري في إبراز الواقع التنموي والإنجازات الوطنية الحقيقية والتي لا تكتمل دون إعلام حقيقي يعكسه فينجح في كسب ثقة المجتمع التي تبنى على الصدق والشفافية.
في العقود الماضية، كان الإعلام يُنظر إليه كسلطة رابعة صارمة تُراقَب وتُصَحِح وتُعاقب عند الخطأ ويختلف حسب الدولة وحتى يتم إعداد مادة إعلامية كان يشارك فيها عدة أطراف على قدر عال من المسؤولية لضمان المصداقة وبيان حجم الإنجاز الواقعي خاصة في الجهات الفنية أو الخدماتية والتي تدخل في أخبارها مكونات تقنية علمية بحتة ،لكن اليوم......،ومع سيطرة السرعة على المضمون وغياب الضوابط في كثير من المنصات، أصبح الإعلام خاصة الرقمي منه أداة للترويج للشائعات ووسيلة لتزييف الواقع وتضخيمه أو تشويهه ومنصة لتوجيه الرأي العام لأجندات خفية أو مصالح معينة وأصبحت المعلومة في متناول اليد بضغطة زر.بالمقابل وفّرت التكنولوجيا الحديثة منصات إعلامية مفتوحة للجميع، فأصبح كل فرد قادراً على أن يكون ناقلاً للمعلومة أو حتى صانعاً للرأي العام. لكن مع كل هذه السهولة تأتي مسؤولية كبيرة ومضاعفة لأمناء المهنة الإعلاميين في التحقق من المعلومات، والتمييز بين الإعلام الصادق والكاذب والتعامل معه.حيث تنتشر المواضيع الإعلامية الكاذبة لعدة أسباب منها غياب المعايير المهنية السليمة في بعض وسائل الإعلام والسعي وراء التفاعل والمشاهدات على حساب الدقة،والتمويل المشروط أو الموجه من جهات ذات مصالح، وضعف الثقافة الإعلامية لدى الجمهور. وبمقارنة بسيطة بين الإعلام الصادق والكاذب بمحاور أساسية ،فالإعلام الصادق يكون مصدره معروف وموثق ويتبع سياسية تحريرية واضحة شفافة يعمل على إيصال الهدف من خلال حقائق خدمة للصالح العام ويستند في أسلوبه إلى الأدلة ومتوازن في الطرح مما يعكس آثار إيجابية على وعي المجتمع ودعم التنمية وتعزيز الثقة بالإنجازات المذكورة .على العكس تماماً الإعلام الكاذب والذي يعتمد على مصادر مجهولة أو إستغلال مصادر معروفة في تزييف الحقائق وتعتمد على إثارة البلبلة وتوجيه الرأي العام لتحقيق مصالح شخصية أكثر منها عامة فيكون الأسلوب فيها يفتقر للمصداقية ودفاعي إنفعالي يشوه الإنجازات ويساعد على إشاعة الفوضى وفقدان الثقة بالجهة الرسمية . وكما هو المزارع العمود الفقري للأمن الغذائي فإن الخبير الإعلامي الصادق المتمكن هو العمود الفقري للصحافة الحرة وصوت الكلمة الصادقة والمعبرة عن واقع وليس خرافات في ظل هذا الزخم الإعلامي على وسائل التواصل والتكنولوجيا.وهنا تبرز أهمية الخبراء الإعلامين المعروفين على درجة كبيرة من الثقافة والعلم والنظافة الفكرية والمادية خصوصاً إمتلاكهم إلى التحليل النقدي والتمييز بين المعلومة والرأي، وبين الحقيقة والتضليل،والنزاهة المهنية في الالتزام بالحقائق دون تحريف أو تزييف، والإطلاع الواسع في فهم السياقات السياسية والإجتماعية والتكنولوجية ،أما المهارات التقنية فيكون التعامل معها بإحترافية مع أدوات الإعلام الرقمي ومنصات التواصل وبشخصيتهم مقومات القدرة على التأثير الإيجابي لإيصال الرسائل البناءة بشكل مؤثر وحقيقي.وتعتبر الدرجات الأكاديمية من الركائز العلمية والمعرفية للخبير أو المستشار أو الناطق الإعلامي لأي جهة رسمية في أدناها درجة البكالوريوس على سبيل المثال لا الحصر في الصحافة والإعلام والإتصال الرقمي والعلاقات العامة وأي تخصص ذو صلة وتمتد لأعلى الدرجات بتخصصية وخبرة أكثر في المعرفة الفنية المهنية من فهم نظريات الإعلام والإتصال المختلفة والإلمام بالقوانين وأخلاقيات العمل الإعلامي ومحتوى مدعم بأداوت كمية ونوعية ومعرفه بتطور وتاريخ وسائل الإعلام محلياً وعالمياً والقدرة على التحليل المنهجي الصادق والموضوعي كل ذلك يساعد الإعلامي الحر بكتابة تقارير ومقالات وأخبار سليمة مدعمة بمراجع وأحداث وإحصائيات حقيقية تخدم التكنولوجيا والبرمجيات الإعلامية والتي تزيده رفعه وموثوقية وتُمكّنه من أداء دوره بمهنية عالية.في الخلاصة نحو إعلام مسؤول في هذا العصر المتغيًر وبين فيض المعلومات وتضليلها، يبقى التمييز بين الصدق والكذب مسؤولية مشتركة بين الإعلاميين والجمهور. ووسط كل هذا، لا بد من رفع شأن الإعلام المسؤول خاصة الرسمي منه ، والإخراج إلى الساحة الرسمية خبراء إعلاميين يُجيدون قول الحقيقة في زمن الفوضى ويساهمون في بناء وعي مجتمعي يرتكز على الصدق والمنطق والموضوعية، والإنجاز الواقعي.دامت الأقلام الحرة الصادقة النزيهةالروابدة تكتب: عصر التكنولوجيا والإعلام.. بين التنوير والتضليل
مدار الساعة  ـ