أخبار الأردن اقتصاديات دوليات برلمانيات وفيات مجتمع وظائف للأردنيين أحزاب مقالات أسرار ومجالس مقالات مختارة تبليغات قضائية مناسبات مستثمرون جاهات واعراس الموقف شهادة جامعات خليجيات دين مغاربيات اخبار خفيفة ثقافة رياضة سياحة الأسرة طقس اليوم

لماذا أخفقنا في معالجة هذه المعضلة؟


فهد الخيطان

لماذا أخفقنا في معالجة هذه المعضلة؟

مدار الساعة (الغد الأردنية) ـ

وأنا أطالع تقرير الزميل محمود الطراونة في "الغد" يوم أمس حول مديونية الجامعات الرسمية، بدا وكأنني أشاهد فيلما للمرة العاشرة على الأقل. المشهد الوحيد المختلف عن المرات السابقة، هو قيمة المديونية التي تزيد عاما بعد عام، بخلاف ذلك، الوقائع والمعطيات هي ذاتها.

المؤسف في القصة أن الوزراء والمسؤولين الذين تعاقبوا على مواقع القيادة في قطاع التعليم الجامعي، عاينوا هذه المعضلة واشتكوا منها مرارا، وقدم بعضهم أفكارا جريئة لمعالجتها، لكن في المحصلة تغير الوزراء وتبدلوا، وبقيت أزمة المديونية تتفاقم أكثر.

تمكنت الدولة بجهد متراكم لحكومات متعاقبة، من مواجهة تحديات كبرى في قطاع التعليم ومعالجتها، كالمناهج الدراسية وامتحان التوجيهي، والتخصصات الجامعية، وأصبح لدينا خريطة طريق واضحة لإصلاح هذا القطاع، بعد سنوات من المقاومة الشرسة للتغيير من طرف تيارات محافظة ومتشددة. إلا أننا ولغاية الآن لم نتمكن من معالجة قضية المديونية التي استهلكت قدرات معظم جامعاتنا على التطوير والتحديث، وجعلت إداراتها أسيرة مشكلة توفير الرواتب نهاية كل شهر، لجيش جرار من الموظفين.

من الواضح أن أزمة المديونية ترتبط بعاملين أساسيين؛ نظام القبول الموحد، ونظام المكرمات، إضافة إلى تضخم الجهاز الإداري. ولسنوات طويلة مضت، كانت الحكومات تتعامل مع هذه المشكلات بالقطعة، وبحلول جزئية، ترحل أصل المشكلة للمستقبل، لتكون عبئا على حكومات قادمة.

رؤية التحديث الاقتصادي أفردت لقطاع التعليم حيزا كبيرا، بالنظر للترابط الكبير بين مخرجاته وقطاعات الاقتصاد عامة، وسوق العمل على وجه التحديد. ومن المفترض أن البرنامج التنفيذي للرؤية الاقتصادية للسنوات الثلاث المقبلة، والذي تعكف طواقم الحكومة على إعداده يتناول هذا القطاع بمشاريع وبرامج محددة للفترة المقبلة. ونأمل أن يكون برنامج السنوات الثلاث هذا قد أخذ في الاعتبار أزمة المديونية للجامعات، واستمع لأفكار ومقترحات المختصين، لعلنا نضع قدما على طريق التغلب على هذه الأزمة في غضون سنوات قليلة.

تجاهل الأزمة وترحيلها، يعني أن جامعات عديدة ستغرق، إلى الحد الذي لن تعود معه قادرةً على أداء واجباتها الرئيسة. كيف لجامعة مثل اليرموك التي ناهزت مديونيتها التسعين مليون دينار، أن تحافظ على كفاءاتها من الأساتذة وأصحاب الاختصاص؟ وبماذا تعدنا جامعة تتحمل سنويا خمسة ملايين دينار فوائد قروض بنكية؟.

الحل لن يكون برفع الرسوم الجامعية فقط، ومزيد من التوسع في البرنامج الموازي الذي كسر ظهر المواطنين. أما صندوق دعم الطالب، فمع كل الموارد التي سخّرتها الحكومة لرفع طاقته، فلن يكون قادرا على تلبية الاحتياجات.

الحكومة تقدم دعما سنويا للجامعات، لكنها لا تستطيع أن تتكفل وحدها بحمل المسؤولية. ينبغي التفكير بحلول خارج الصندوق، مثلما فعلت هذه الحكومة مع قطاعات عدة.

وثمة مسؤولية على إدارة الجامعات، وأساتذتها الذين طالما نظرنا إليهم كمركز للتفكير بحلول علمية لمشاكلنا التنموية والاقتصادية، ونستعين بهم لنلحق بركب التطور التكنولوجي والمعرفي.

ربما حان الوقت ليساهموا في تقديم حلول لمشاكل جامعاتهم المزمنة.

مدار الساعة (الغد الأردنية) ـ