أخبار الأردن اقتصاديات دوليات وفيات برلمانيات وظائف للأردنيين مجتمع أحزاب تبليغات قضائية مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس مستثمرون الموقف شهادة جاهات واعراس مناسبات جامعات دين بنوك وشركات اخبار خفيفة رياضة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

دلال يكتب: هذا ما تتطلبه البراغماتية السياسية


خالد دلال

دلال يكتب: هذا ما تتطلبه البراغماتية السياسية

مدار الساعة (الغد الأردنية) ـ

ليسوا بالقوة التي يظنها البعض: رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وزمرته الفاسدة، من وزير ماليته العنصري، تسلئيل سموتريتش، إلى وزير أمنه القومي الفاشي، إيتمار بن غفير.

بل إنهم، ورغم سيل تصريحاتهم المأزومة حول خرافة إسرائيل الكبرى، والتهديد باحتلال غزة، والوعيد ببسط السيطرة على الضفة الغربية، ضعفاء إلى حد يخشون أن يغدو مصيرهم السياسي في مهب الريح في حال تم إجراء انتخابات مبكرة، وهو ما تضغط باتجاهه المعارضة الإسرائيلية. وفي استطلاع لصحيفة معاريف الإسرائيلية مؤخرا، "أيد 39 بالمائة من الإسرائيليين إجراء انتخابات على دورتين: واحدة لرئيس الوزراء، وأخرى للكنيست الإسرائيلي".

كل ذلك، أولا، بسبب تزايد سخط المجتمع الإسرائيلي على حكومة نتنياهو وفقدان الثقة بها لتقاعسها الواضح في ملف الرهائن. وهو ما تأكده معاريف في استطلاعها من أن "نصف الإسرائيليين يعتقدون أن حكومة نتنياهو غير مبالية بإرادة الشعب ومصير الأسرى المحتجزين في قطاع غزة".

وثانيا، لتصاعد التوتر بين القيادة السياسية والعسكرية في تل أبيب حول حروب نتنياهو العبثية، والتي أرهقت المؤسسة العسكرية لدرجة أصبح معها التمرد وعدم الالتزام بدعوات الالتحاق بالجيش الإسرائيلي أمرا اعتياديا. وهو ما تجسد في المؤتمر الصحفي الذي عقده قادة من ألوية قتالية في تل أبيب مؤخرا "للإعلان عن رفضهم قرار رئيس الحكومة استدعاء قوات الاحتياط للمشاركة في احتلال مدينة غزة". حتى أن شخصية بوزن اللواء الاحتياط في الجيش الإسرائيلي، إسحاق بريك، حذر في تصريحات صحفية، من أن "احتلال غزة سيقود إلى نتائج كارثية على إسرائيل، التي يفتقر جيشها الوسائل القتالية البرية اللازمة لحسم المعركة ضد حماس".

وثالثا، فما يزيد الطين بِلَّة لنتنياهو وعصابته، صورة إسرائيل التي تتفاقم سوداوية ودموية في عيون وقلوب العالم بفعل جرائم الإبادة بحق غزة وأهلها، وبالتالي تعاظم مشاعر العداء الدولي والعزلة لها، على مستوى الشعوب والحكومات، حتى أن الأمر وصل في تحذير زعيم حزب "إسرائيل بيتنا"، أفيغدور ليبرمان، من أن "البلاد تمر بانهيار سياسي غير مسبوق، ولم نكن منبوذين إلى هذا الحد"، مضيفا أن نتنياهو، بأفعاله، قد يُسجل في التاريخ بوصفه "مؤسس الدولة الفلسطينية".

أما رابعا، فالاقتصاد الإسرائيلي يتهاوى إلى مستويات غير مسبوقة في ظل هروب رؤوس الأموال إلى الخارج، والتقلبات الحادة في الأسواق المالية، وتراجع النمو. حتى أن الأمر وصل إلى "انخفاض التصنيف الائتماني لإسرائيل من A1 قبل الحرب إلى Baa1، مع نظرة مستقبلية شديدة السلبية". وما يفاقم ذلك، بحسب موقع Ynetnews الإسرائيلي، هو تقديرات وزارتي المالية والدفاع الإسرائيلية من أن "التكلفة العسكرية لحروب إسرائيل تضغط على الميزانية بنحو 3 مليارات دولار شهريا".

أما ما سيقصم ظهر حكومة نتنياهو، خامسا، فسيتأتى في حال ثبوت مسؤوليتها المباشرة عن الفشل والإخفاق الأمني والعسكري والاستخباري والسياسي في السابع من تشرين الأول (أكتوبر) 2023. وهو ما أكد أنه مسألة وقت الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات الإسرائيلي "الموساد"، يوسي كوهين، في مقابلة مع صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية.

مجمل القول، وأمام كل ما تقدم وغيره، أننا أمام فرصة على العرب استغلالها، وألا يقفوا مكتوفي الأيدي، مكتفين ببيانات الشجب والتنديد.

على العرب استثمار معادلات الداخل والخارج الإسرائيلي في اتجاهين. أولهما، في مد اليد إلى قوى السلام الإسرائيلية والعالمية، خصوصا في الولايات المتحدة، لزيادة الضغط على نتنياهو وحكومته اليمينية المتطرفة حتى إسقاطها تمهيدا لمواجهة مصيره المحتوم في أروقة المحاكم على تهم الفساد والرشوة وخيانة الأمانة. والسجن مصيره وقتها. وثانيهما، أن يكثف المسؤولون والمفكرون العرب من حضورهم الاتصالي في الإعلام الإسرائيلي والدولي، وتحديدا الأميركي القريب من دوائر صناعة القرار السياسي في واشنطن، لزيادة عزلة نتنياهو وحكومته في الداخل والخارج الإسرائيلي عبر بيان الخطر الذي يمثله اليمين الإسرائيلي المتطرف، وفكره الصهيوني المنحرف المعادي للإنسانية، على السلم العالمي.

ففي نهاية المطاف، لا بد من إيجاد بديل مؤمن بالسلام في إسرائيل، والفرصة سانحة لذلك إن تمكن العرب من استثمار اللحظة. فهذا ما تتطلبه البراغماتية السياسية.

مدار الساعة (الغد الأردنية) ـ