أخبار الأردن اقتصاديات دوليات وفيات برلمانيات أحزاب وظائف للأردنيين مجتمع مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية مستثمرون الموقف شهادة جاهات واعراس مناسبات جامعات بنوك وشركات دين رياضة ثقافة اخبار خفيفة سياحة الأسرة طقس اليوم

‏الدوابشة يكتب: هل تتحول ضربة الدوحة إلى شرارة مشروع عربي حقيقي؟


سليم الدوابشة

‏الدوابشة يكتب: هل تتحول ضربة الدوحة إلى شرارة مشروع عربي حقيقي؟

مدار الساعة ـ

في يوم هادئ في قلب الخليج، في الدوحة انفجر صمت المدينة بصوت مدوٍ يهز أركان السيادة الدولية.

كان ذلك الاعتداء الإسرائيلي المفاجئ على أراضي قطر الشقيقة، الذي استهدف قيادات رفيعة المستوى في حركة حماس، لحظة تاريخية قد تغير مجرى الأحداث في المنطقة.

لم يكن هذا الهجوم مجرد عمل عسكري سريع، بل خرق صارخ لكل الأعراف الدبلوماسية، والقوانين الدولية، والمواثيق التي بنيت عليها العلاقات بين الدول.

فكيف وصلنا إلى هنا؟ وهل يمكن أن تكون هذه "ضربة الدوحة"، كما أطلق عليها البعض، البداية لمشروع عربي موحد يعيد رسم الخريطة السياسية في الشرق الأوسط؟

دعونا نعود قليلاً إلى السياق لنفهم عمق هذا الحدث.

قطر، التي أصبحت في السنوات الأخيرة مركزًا للحوار الدولي، تستضيف قيادات حماس برعاية أمريكية صريحة.

كانت هذه القيادات هناك للمشاركة في مفاوضات حاسمة حول وقف إطلاق النار في غزة، تحت رعاية الولايات المتحدة التي سعت إلى تهدئة التوترات الإقليمية.

ومع ذلك، في خطوة جريئة ومثيرة للجدل، وافقت واشنطن – حسب تقارير رسمية – على الضربة الإسرائيلية، مما يثير تساؤلات عميقة حول مصداقية الدور الأمريكي كوسيط محايد.

النتيجة؟ إصابات ودمار في حي سكني في الدوحة، وإدانة قطرية حادة وصفها بـ"الاعتداء الجبان"، مع تجمع سيارات الإسعاف حول موقع الهجوم، كما وثقت وسائل الإعلام العالمية.

هنا يبرز السؤال الذي يدور في أذهان الكثيرين: هل كانت هذه الضربة مدروسة بعناية، مستوحاة من تجارب سابقة لقياس ردود الفعل العربية؟ تذكروا ضربة إيران على قاعدة العديد الجوية في قطر نفسها، تلك القاعدة الأمريكية الاستراتيجية التي تعتبر رمزًا للتواجد العسكري الغربي في الخليج.

في الزمن القريب، ردت طهران على استهداف منشأتها النووية بصواريخ دقيقة أصابت القاعدة الأمريكية في قطر دون إحداث خسائر بشرية، لكنها أثارت صدمة عالمية.

كانت تلك الضربة اختبارًا للصمود، وقياسًا لردة الفعل الدولية خاصة العربية.

اليوم، يتساءل المحللون: هل اعتمدت إسرائيل على هذا النموذج نفسه؟ هل رأت في صمت الدول العربية أو ردودها المحدودة آنذاك إشارة إلى أن الاعتداءات على أراضيها ستُقابل بتسامح أو احتجاجات شكلية فقط؟

إنها نظرية مثيرة، تكشف عن نمط من الجرأة الإسرائيلية التي تتجاوز الحدود، مستفيدة من الدعم الأمريكي الذي يبدو أنه يغطي على الانتهاكات.

لكن لربما المفيد في هذا الحدث – إن جاز التعبير – يكمن في إمكانية تحول الغضب إلى فعل.

ضربة الدوحة ليست مجرد انتهاك لسيادة قطر، بل هي إهانة لكل الدول العربية التي ترى في الخليج خطًا أحمر.

تخيلوا لو أدى هذا الاعتداء إلى تحالف عربي حقيقي، يتجاوز الخلافات الداخلية ويبني جبهة موحدة ضد الانتهاكات الخارجية.

في السنوات الماضية، شهدنا محاولات مثل قمة الرياض أو مبادرات الإمارات والسعودية لتعزيز التعاون الدفاعي، لكنها كانت غالبًا محدودة بسبب التوترات الإقليمية.

اليوم، مع إدانة قطرية صاخبة ودعم من دول أخرى مثل مصر والأردن، قد تكون هذه اللحظة الشرارة التي تشعل "مشروعًا عربيًا حقيقيًا".

مشروعًا يركز على تعزيز السيادة، بناء قدرات دفاعية مشتركة، وربما حتى إعادة النظر في الاعتماد على الوسطاء الخارجيين مثل الولايات المتحدة.

بالطبع، التحديات كبيرة. الدول العربية منقسمة سياسيًا، والضغوط الاقتصادية تجعل أي تحرك جماعي أمرًا معقدًا.

كما أن الدعم الأمريكي لإسرائيل يظل حجر عثرة، مما يجعل أي رد عربي يحتاج إلى استراتيجية دبلوماسية ذكية تجمع بين الإدانة الدولية والضغط الاقتصادي.

ومع ذلك، تاريخ المنطقة مليء بأمثلة على كيف يمكن للأزمات أن تولد الوحدة، ولماذا لا تكون ضربة الدوحة بداية لشيء أكبر؟

في الختام، ضربة الدوحة ليست نهاية، بل قد تكون بداية.

إنها تذكير قاسٍ بأن السيادة ليست مجرد كلمة في المعاهدات، بل حق يُدافع عنه بالعمل.

إذا استطاع العرب تحويل غضبهم إلى مشروع موحد، فقد نرى عصرًا جديدًا من الاستقلال الإقليمي.

السؤال الآن: هل سنشهد الرد المناسب، أم سنكتفي بالإدانات؟ الزمن وحده سيجيب، لكن اللحظة الحالية تُملي علينا عدم الانتظار.

مدار الساعة ـ