زيارة أمير قطر وشيخها، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، مهمّة جدا، وسوف تتوقف عندها الديبلوماسيات الدولية كثيرا، لأنها تحدث في ظروف مكتظة بالأحداث والأزمات، في ظل عدوان صهيوني مسعور على العرب، وهي زيارة الشيخ تميم الدولية الأولى بعد الاعتداء الإسرائيلي الغادر الجبان على دوحة العرب في قطر، ولست أجزم إن كانت الزيارة قد تم وضعها على الأجندة الأردنية – القطرية، قبل العدوان الجبان على الدوحة، أو بعده، فهذا ربما هو أهم سؤال، يتردد على ألسنة السياسيين و»الجواسيس»..
هذه الزيارة المهمة، تأتي أيضا بعد يومين فقط من انتهاء القمة العربية والإسلامية التي عقدت الاثنين في الدوحة، وناقشت موضوع العدوان الإسرائيلي على دوحة العرب وعلى الأمتين، وعلى العالم الذي يحتكم للقانون الدولي، وهي القمة التي أعلن جلالة الملك عبدالله الثاني فيها تصريحه المهم، مطالبا برد عربي «حاسم رادع»، على حكومة إسرائيل المجرمة التي تتجاوز على القانون الدولي، بصمت مريب من المجتمع الدولي..قطر؛ في السنوات الـ15 الأخيرة، كانت لاعبا مهما في كل قضايا المنطقة، وما زالت تنتهج سياسة تلقى استحسانا وقبولا دوليا مميزا، وهو يشبه السياسة الأردنية الممتدة تجاه قضايا المنطقة، لا سيما القضية الفلسطينية، لكن تميزت قطر في السنوات الأخيرة بحيازتها لهامش واسع من المناورات السياسية الناجحة، المؤثرة، التي حققت نتائج مهمة وكبيرة في غالبية الملفات الدولية في العالم، وفي عالمنا العربي على وجه التحديد.. وهذه حقيقة، قد تثير الديبلوماسية المعادية، حال ارتفع منسوب التنسيق بين الدولتين (الأردن وقطر)، سيما وأن الأحداث كبيرة وكثيرة، فالدولتان، تتخذان سياسة ثابتة تجاه حقوق الشعب الفلسطيني، وخطابهما واضح، ومركّز ومنحاز بعدالة تجاه حقوق الشعب الفلسطيني، والأهم من هذه الحقائق، أن للدولتين تأثيراً كبيراً بالقرار العالمي، وبالخطاب الإعلامي المناهض للإرهاب الصهيوني.في خطاب جلالة الملك الأخير في قمة الدوحة، لمسنا وضوحا استثنائيا، ناريا، صادقا، فالكلام واضح، والهدف واضح، والطلب من العرب والعالم واضح، وهو يجب «ردع» المجرم وكف يده عن القتل والتدمير وتقويض الأمن والسلم في المنطقة، بلا مواربة ولا رهانات، يجب على العرب والعالم قطع دابر الإرهاب والخطر الصهيوني، وهذا أمر «سهل» على العرب قبل العالم الآخر، وليس صعبا لو صدقوا، وعملوا، والتزموا.. وأعتقد أن دولة عربية واحدة لو قررت مواجهة اسرائيل، سياسيا وعسكريا، لنجحت في لجم عدوانها، حال وقوف بقية العرب خلفها، أو على الأقل التزام بعضهم بالحياد (حتى لا نقول التزامهم بعد انتهاج سياسة أخرى).شخصيا؛ أقتنع بأن الأردن وقطر، تكفيان، للجم التطاول والعدوان الإسرائيلي الإجرامي، ويجب أن يجري بين البلدين تنسيق وتعاون معلن لهذه الغاية، فهما يتميزان بحضور دولي استثنائي، ولقادتهما تأثير مشهود في الخطاب الإعلامي، وتحظى القيادتان بتقارب استثنائي مع شعبيهما، وتتسم سياستهما بالصراحة والوضوح، فوق القوة والتأثير.. ويتمتعان بتجارب سياسية وإعلامية كثيرة وكبيرة وتحظى بالمصداقية والرضى من قبل العالم والشعوب العربية.. وأصبحتا (أعني الدولتين، والقيادتين، والمصلحتين الوطنيتين في البلدين) هدفا يتمتع بأولوية في العدوان الإسرائيلي على العرب، فلإسرائيل ملفات في الدولتين، وهما الدولتان الأكثر دعما وتأثيرا على صعيد حقوق الشعب الفلسطيني، وهما اللتان تحظيان بالنصيب الأكبر من الدعاية العدوانية الإسرائيلية و»الصهيونية»، بسبب مواقفهما البارزة في دعم قضايا العرب، وتأثيرهما الذي أجهض الكثير من مخططات إسرائيل.لا ننتظر إعلانات «حربية» على خلفية هذه الزيارة، أعني من جهة الأردن وقطر، لكننا بلا شك سنشهد مثل هذه الإعلانات والدعاية من الصهيونية وإسرائيل..
شيخ قطر في الأردن.. ستتوقف عندها الدبلوماسيات الدولية كثيراً
مدار الساعة (الدستور الأردنية) ـ