يحل أمير دولة قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، اليوم ضيفا على الأردن، في زيارة ليست عابرة في معناها، ولا عادية في توقيتها، فالزيارة، التي يرحب بها الأردنيون قيادة وشعبا، تعكس عمق العلاقات بين عمان والدوحة، وتؤسس لمرحلة جديدة من التعاون الذي يتجاوز المجاملات الدبلوماسية إلى بناء شراكات فعلية على الأرض، فما دلالات الزيارة؟.
الزيارة تأتي محملة برسائل واضحة، أهمها أن الاقتصاد بات في صلب السياسة، وأن الاستقرار الإقليمي يبنى بالمصالح المشتركة والتنمية المتبادلة، لذلك، فإن أهمية الزيارة لا تكمن فقط في بعدها السياسي، بل فيما يمكن أن تحمله من فرص اقتصادية واقعية تمكن الأردن من تحفيز نموه، وتفتح أمامه أبوابا جديدة من الشراكة مع أحد أبرز الفاعلين اقتصاديا في المنطقة.العلاقات الاقتصادية «الأردنية - القطرية» ليست طارئة ولا وليدة اللحظة، بل تقوم على قاعدة راسخة من التفاهم والثقة تجلت عبر سنوات من الاستثمارات القطرية في قطاعات حيوية داخل المملكة من البنوك إلى الطاقة، ومن العقارات إلى السياحة، ومن البنية التحتية ألى المشاريع المستقبلية بالطاقة المتجددة، كما ان الدوحة لم تكن يوما غائبة عن المشهد التنموي الأردني، بل كانت وما تزال شريكا فاعلا في مشاريع تخلق فرص عمل، وتدفع بعجلة التنمية للارتفاع.ومن المتوقع أن تحمل الزيارة دفعة قوية لهذه الشراكة، سواء من خلال مشاريع جديدة، أو من خلال تذليل العقبات أمام التبادل التجاري، وتوسيع نطاق الصادرات الأردنية لقطر، خاصة بالقطاعات الزراعية والحرفية والغذائية،كما ينتظر أن يكون ملف العمالة الأردنية بمقدمة جدول الأعمال، إذ إن نحو 80 ألف أردني يشاركون حاليا في مسيرة التنمية القطرية ويشكلون جسرا بشريا متينا بين البلدين.الأردن وهو يفتح ذراعيه لأشقائه، يدرك تماما أن المرحلة القادمة لا تحتمل التردد، وأن استقطاب الشراكات الاقتصادية هو جزء من معركة الاستقرار والنمو، فدولة قطر وبقيادتها المحنكة والرشيدة، وبحضورها المالي و خبراتها المتراكمة، تملك القدرة على أن تكون داعما حقيقيا لهذا المسار، ليس فقط بالتمويل، بل أيضا بتوجيه الاستثمارات نحو المشاريع التي تحدث فرقا حقيقيا في حياة الناس.الزيارة، في جوهرها، ليست مناسبة رسمية تنتهي مع مراسم الاستقبال والمغادرة، بل فرصة استراتيجية لإعادة صياغة الأولويات، وبناء مسار تنموي مشترك، قوامه الثقة والمصالح المتبادلة، ورهانه على الإنسان، باعتباره المحور الأساس الذي تسعى القيادة في البلدين لتوفير كل ما يلزم لتأمين أفضل سبل الحياة وجودتها له.خلاصة القول، في قلب العواصف، هناك دائما فسحة أمل لمن يملك الشجاعة والرؤيةمعا، فهذا وحده القادر على تحويل التحديات ألى فرص، وتأتـي زيارة الشيخ تميم للأردن كترجمة حقيقية لهذه القناعة، وفرصة نادرة لبناء شراكة ترتكز على الاحترام والمصالح المتبادلة،ولهذا فان تعزيز التعاون بين عمان والدوحة لم يعد خيارا، بل ضرورة تفرضها المرحلة وتستدعيها تطلعات الشعوب.
الشيخ تميم في الأردن.. زيارة ليست عابرة في معناها ولا عادية في توقيتها
مدار الساعة (الرأي الأردنية) ـ