في 18 أيلول 2025 شهد معبر الكرامة/الملك حسين حادثة إطلاق نار جديدة أسفرت عن مقتل جنديين إسرائيليين وإصابة آخر، نفذها سائق شاحنة أردني كان ينقل مساعدات إنسانية إلى غزة، ما أدى إلى إغلاق المعبر مؤقتاً وتصاعد التوتر الأمني. هذه الواقعة تضاف إلى سلسلة حوادث متكررة، من عملية الأردني ماهر الجازي عام 2024 إلى مقتل القاضي رائد زعيتر عام 2014، ما يجعل المعبر بؤرة حساسة دائمة التوتر بين الأردن وإسرائيل.
النمط واضح، إسرائيل تستغل كل حادثة لتشديد قبضتها الأمنية وتوظيفها سياسياً وعسكرياً، مستهدفةً الداخل الإسرائيلي لتعزيز خطاب اليمين، وفي الوقت نفسه توجيه رسائل ضغط للأردن. ورغم أن سيناريو عمل عسكري محدود داخل الأردن؛ كما فعلت تل أبيب مع قطر عبر اغتيالات أو اختراقات أمنية؛ يبدو مستبعداً حالياً بحكم حساسية العلاقة ومكانة الأردن الإقليمية، إلا أن ثمة مؤشرات مقلقة على أن تل أبيب قد تصعّد عبر التهجم الإعلامي والسياسي على سياسات عمان، وانتقاد دورها الإقليمي واتهامها بالتساهل أو التقصير أمنياً.الأردن في المقابل يواجه معضلة مركبة؛ حماية حدوده ومنع تكرار العمليات الفردية من أراضيه، وفي الوقت ذاته التصدي لأي محاولات إسرائيلية لتحويل هذه الحوادث إلى ورقة ابتزاز أمني ودبلوماسي. السيناريو الإسرائيلي الأقرب هو تشديد التفتيش، إغلاقات متكررة للمعبر، وربما تعزيز عسكري دائم، بينما الأردن سيتجه إلى تشديد الرقابة على السائقين والبضائع، موازياً ذلك بحراك دبلوماسي إقليمي ودولي يحاول لجم إسرائيل ومنعها من تقويض دوره كوسيط أساسي وشريان إنساني للفلسطينيين.خلاصة المشهد أن معبر الكرامة لم يعد مجرد ممر حدودي، بل منصة اشتباك سياسي وأمني تتكرر عندها الحوادث التي تُستغل ضد الأردن والفلسطينيين معاً. وبينما تستثمر إسرائيل كل واقعة لتعزيز قبضتها، يبقى القلق الأردني قائماً؛ حماية استقراره الداخلي، منع تفاقم الأزمات الإنسانية الفلسطينية، والتصدي لمحاولات إسرائيلية لتقليص مكانته الإقليمية عبر حملات تهجم سياسية وأمنية، حتى وإن كان العمل العسكري المباشر مستبعداً.