أخبار الأردن اقتصاديات دوليات وفيات برلمانيات وظائف للأردنيين أحزاب مجتمع أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مقالات مختارة جاهات واعراس مستثمرون شهادة الموقف مناسبات جامعات بنوك وشركات خليجيات مغاربيات دين اخبار خفيفة ثقافة رياضة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

إقدام السائق على مهاجمة جنود الاحتلال على معبر الكرامة.. يحمل أثرا 'عكسيا كارثيا'


علاء القرالة

إقدام السائق على مهاجمة جنود الاحتلال على معبر الكرامة.. يحمل أثرا 'عكسيا كارثيا'

مدار الساعة (الرأي الأردنية) ـ

في خضم "المشهد الفلسطيني" المأساوي، وفي ظل "الحصار الخانق" المفروض على قطاع غزة، وفي وقت تبذل به الاردن جهودا استثنائية مهمة لإيصال المساعدات عبر المعابر البرية، تأتي بعض التصرفات الفردية التي وإن بدت بدافع الغضب والتضامن، إلا أنها تحمل في طياتها أثرا "عكسيا كارثيا" على غزة والضفة واهلها الصامدين، فاين الحكمة في هذا؟.

حادثة اليوم، التي تكمن في أقدام أحد "سائقي الشاحنات" على مهاجمة جنود الاحتلال على المعبر الحدودي، هي واحدة من تلك الحالات التي تستدعي التوقف والتأمل عندها، فقد تكون النية وطنية والغضب مشروعا، ولكن الفعل مهما بدا مبرراً من وجهة نظر فردية يتسبب في إغلاق المعابر، ويعطي للاحتلال الذريعة الجاهزة لمنع مرور الشاحنات المحملة بالغذاء والدواء إلى غزة والضفة الغربية.

في مثل هذه الحالات، لا يدفع الاحتلال الثمن، بل تدفعه العائلات الفلسطينية التي تنتظر كيس طحين، أو حليبا لطفل رضيع، أو دواء لمريض مزمن، بعد ان يغلق المعبر ليوم أو يومين أو ربما أسابيع، وتجمد المساعدات ويعاقب الفلسطيني مرتين، مرة من الحصار، ومرة من التضامن الذي لم يحسب أثره ولا ما سيؤدي اليه من اضرار جسيمة.

للاسف لقد شهدنا حادثة مشابهة سابقا، حين "توقفت المساعدات" الأردنية عدة أشهر، بعد استغلال الاحتلال لحادثة اعتبر فيها سائق أردني"تهديدا أمنيا" على المعابر، وكانت لهم "ذريعة كافية" لإغلاق الشريان الإنساني الوحيد، فازداد الجوع، واتسع الألم، وتضررت المقاومة ذاتها التي تعتمد على "صمود الناس" في بيوتهم لا في مخيمات التهجير.

الرسالة هنا ليست إدانة لفعل فردي، بقدر ما هي دعوة للتبصر، وتحكيم العقل في لحظة الغليان، فغزة اليوم لا تحتاج إلى من يقطع عنها ما تبقى من طوق نجاة، ولا الضفة في وارد تحمل مزيد من الخنق الاقتصادي، وإذا كانت النوايا صادقة في دعم الفلسطينيين، فإن الحفاظ على "خطوط المساعدات" هو أول أشكال هذا الدعم، لا سيما أن الأردن اليوم هو الممر الوحيد المتبقي.

خلاصة القول، التضامن مع غزة والضفة لا يعني أن "نضعف قدرتها" على الصمود، ولا أن نمنح الاحتلال ما يبحث عنه من ذرائع لتبرير "جريمته الكبرى" بالحصار والتجويع والإبادة، بل ان التضامن الحقيقي أن نعزز ما يبقيها واقفة على قدميها، وأن نحافظ على كل شاحنة تحمل طحينا أو دواء أو خيمة، فهي ذخيرة صمود لا تقل أهمية عن أي شكل آخر من أشكال النضال، ولهذا فليكن غضبنا في خدمة فلسطين، لا عبئا عليها.

مدار الساعة (الرأي الأردنية) ـ