أخبار الأردن اقتصاديات دوليات برلمانيات وفيات أحزاب مجتمع وظائف للأردنيين مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية الموقف مناسبات جاهات واعراس مستثمرون شهادة جامعات دين بنوك وشركات خليجيات مغاربيات ثقافة رياضة اخبار خفيفة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

القرالة يكتب: أول يوم في المدرسة… عطا الشمايلة ينتصر على الألم بدعم الأوفياء


محمد بسام القرالة

القرالة يكتب: أول يوم في المدرسة… عطا الشمايلة ينتصر على الألم بدعم الأوفياء

مدار الساعة ـ
القرالة يكتب: أول يوم في المدرسة…

في الكرك، حيث تنشأ الحكايات التي تُكتب بالكرامة والصبر، يطل علينا الطفل عطا الشمايلة… طفل لم يعرف من طفولته إلا الألم، لكنه اختار أن يقاوم. عطا لم يولد وفي يده لعبة، بل وُلد وفي يده امتحان قاسٍ، امتحان للإنسانية كلها.

هذا الصغير عاش سنوات من الوجع والعلاج، لكن عيونه بقيت تلمع بالأمل. واليوم، وهو يفتح كتابه في المدرسة، يعلن أمام الدنيا أنه يريد أن يعيش حياته مثل أي طفل آخر. لم يسأل: “لماذا أنا؟”، بل قال: “سأكون أنا، رغم كل شيء”.

وهنا لا بد أن نذكر من كان له الفضل الأول في أن تصل قصة عطا الشمايلة إلى الناس، وهو الدكتور عبدالرحمن الشمايلة، الذي حمل وجع الطفل وأوصل صوته، فكان السبب في أن يرى الأردنيون صورة عطا الحقيقية، فيتعاطفوا معه ويقفوا إلى جانبه. لولا صوته ومبادرته، ربما بقي عطا يواجه قسوته وحيدًا.

واليوم، ونحن نكتب هذه السطور، يعيش عطا أول أيامه في المدرسة… لحظة تاريخية في حياته، لم تأتِ إلا بفضل الله أولًا، ثم بفضل قلوب صادقة لم تبخل عليه. ويأتي هنا دور الدكتور فراس الجحاوشة الذي تكفّل بتعليم عطا، ففتح أمامه باب الأمل بأن يعيش طفولة طبيعية، وأن يحمل حقيبته مثل بقية أقرانه. إنها خطوة صغيرة في ظاهرها، لكنها بالنسبة لعطا تعني العالم كله.

منذ تلك اللحظة، لم يتركوا أهله وحدهم. أبناء الكرك، وأبناء الأردن جميعًا، مدّوا أيديهم. حملة بسيطة على السوشال ميديا تحولت إلى موقف وطني جامع. شباب، عشائر، وحتى غرباء لا يعرفونه… كلهم صاروا أهله وعائلته.

ولم يكن الدعم ماديًا فقط، بل كان معنويًا بالدرجة الأولى. كل كلمة، كل دعاء، كل مشاركة لقصة عطا كانت بمثابة دواء. الناس لم يروا فيه مجرد حالة مرضية، بل رأوا فيه ابناً لهم، ورمزاً للأمل وسط كل ما نعيشه من ضغوط ومحن.

أليس هذا هو الأردن الذي نفاخر به؟ بلد لا يخذل أبناءه، ولا يترك طفلًا يواجه مصيره وحده. عطا الشمايلة اليوم ليس ابن الشمايلة فقط، هو ابن الكرك، وابن الأردن كله.

قصة عطا تضعنا جميعاً أمام سؤال مهم: كم من الأطفال في بلدنا يحتاجون إلى صوتٍ يشبه صوت الدكتور عبدالرحمن؟ وكم من حكاية دفنت في الصمت لأنها لم تجد من يضيء عليها؟ عطا كان محظوظاً بقلوب صادقة، لكن غيره ما زال ينتظر.

فليكن عطا دليلنا أن الرحمة تصنع فرقاً وأن التضامن أقوى من أي محنة. عطا لم يطلب المستحيل، هو فقط أراد أن يعيش بكرامة، ونحن جميعًا شركاء في أن نحقق له هذا الحق.

عطا… جسدك قد يتعب، لكن روحك لا تُهزم. وأنت أكبر برهان أن الألم قد يصنع بطولة، وأن المحبة قادرة أن تغيّر حياة كاملة.

مدار الساعة ـ