أخبار الأردن اقتصاديات دوليات برلمانيات وفيات أحزاب مجتمع وظائف للأردنيين تبليغات قضائية مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس الموقف مناسبات جاهات واعراس مستثمرون شهادة جامعات مغاربيات دين بنوك وشركات خليجيات اخبار خفيفة ثقافة رياضة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

العايش تكتب: العطاء الذي لم توثّقه الصحف… فريال الجراح في ذاكرة الأيتام


رندا سليمان العايش
باحثة تربوية ومديرة مركز الريان للترجمة وخدمات البحث

العايش تكتب: العطاء الذي لم توثّقه الصحف… فريال الجراح في ذاكرة الأيتام

رندا سليمان العايش
رندا سليمان العايش
باحثة تربوية ومديرة مركز الريان للترجمة وخدمات البحث
مدار الساعة ـ

حين يعجز الحبر عن قول الحقيقة، يبقى الصدق في العيون وحده شاهدًا…

الورق أحيانًا يظلم، يصمت عن أعظم الحكايات، ويتركها معلّقة في ذاكرة القلوب وحدها.

من بين تلك الحكايات، تقف فريال الجراح… امرأة قضت اثنين وأربعين عامًا في حضن الأيتام،

تحمل همّهم كأنها أمّ لم تنجبهم، لكنها ولدتهم من جديد بالحنان.

لم تُعرف في الصفحات، ولم تبحث عن الأضواء، لكنها بقيت نورًا صغيرًا في أعين من ربّتهم،

وجرحًا جميلًا في قلوبهم، كلما ذكروا اسمها قالوا: "هي التي جعلتنا نؤمن أن اليتم ليس نهاية، بل بداية أخرى للحياة."

حتى الورق بدا عاجزًا عن حمل قصة حنانها وعطاءها الذي لا ينتهي… لكنها حاضرة في كل قلب عاش معها،

في كل روح نشأت على يديها، في كل ابتسامة ولدت من رحم الأمل الذي زرعته.

لم يكن منصبها صكًا على السلطة، بل كان جسرًا للرحمة، وحضنًا للأطفال الذين فقدوا الدفء، والحنان، والأمان.

يحكون عنها: كيف كانت تجلس بينهم، لا كمديرة فقط، بل كظل الأم الحنون، تصغي لكل همهم وهمسهم بصبر لا ينتهي،

تمسح دموعهم بخفّة وكأنها تخفي عنهم وجع العالم، وتزرع في قلوبهم كلمات مطمئنة كأنها نجوم صغيرة تضيء لياليهم الحالكة.

كل ابتسامة منها، كل لمسة حانية، كانت بذرة أمل تنمو في نفوسهم،

وتروي قصة إنسانية عميقة لا يفهمها إلا من عاش تحت دفء قلبها وحنانها الذي لا ينضب.

حتى بعد أن غادرت مكتبها كمديرة للمبرة، لم ينسها الأطفال.

زاروها من كل مكان، واحتضنوا ذكرياتهم معها، وحكوا عن لحظات لم توثّقها الصحف، ولا كتب عنها أحد،

عن لحظة أمان، عن كلمة طيبة، عن حضن دافئ امتدّ في قلوبهم حين كانوا يحتاجون إليه.

“لم تكن لنا أوراق نكتب عليها قصصها، لكننا حملناها في قلوبنا. لم تكن مديرة فقط… كانت أمًّا لنا، لم تلدنا ولكنها ربتنا.”

فريال الجراح… العطاء الصامت، الحنان اللامحدود، والقصص التي لم يسجلها الورق،

لكنها محفورة في وجدان كل من عاش معها، وفي كل حياة لمستها، وفي كل قلب امتدت إليه يدها الرحيمة.

مدار الساعة ـ