أخبار الأردن اقتصاديات دوليات وفيات برلمانيات وظائف للأردنيين أحزاب مجتمع أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مقالات مختارة جاهات واعراس مستثمرون شهادة الموقف مناسبات جامعات بنوك وشركات خليجيات مغاربيات دين اخبار خفيفة ثقافة رياضة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

الوريكات يكتب: الاعترافات الدولية بدولة فلسطين.. بين شرعية الحق ووقاحة الاحتلال


عبد المنعم الوريكات
عقيد متقاعد

الوريكات يكتب: الاعترافات الدولية بدولة فلسطين.. بين شرعية الحق ووقاحة الاحتلال

مدار الساعة ـ

تشهد القضية الفلسطينية تطورات مهمة في الساحة الدولية، أبرزها موجة الاعترافات المتتالية بدولة فلسطين من دول العالم والتي تتزايد يوماً بعد يوم، ورغم أن هذه الخطوات عكست إرادة دولية متنامية لإنصاف الفلسطينيين، إلا أنها تطرح أسئلة جدية حول جدواها العملية، ومدى قدرتها على التأثير في واقع يفرضه كيان لا يعترف لا بالقانون الدولي ولا بالقانون الإنساني ولا حتى بقرارات الأمم المتحدة

تمثل الاعترافات الدولية مكسباً سياسياً ومعنوياً، فهي تعزز شرعية الحق الفلسطيني وتُرسخ فكرة الدولة الفلسطينية في الوعي العالمي، كما تمنح الفلسطينيين أوراق قوة إضافية في المحافل الدولية وتُحرج دولة الاحتلال التي تتزايد عزلتها بسبب ممارساتها الاستيطانية والقمعية، لكن الاعترافات تبقى خطوة ناقصة ما لم تُترجم إلى ضغوط حقيقية على الكيان المحتل

المشهد يكشف مفارقة صارخة، بين دول تعترف بفلسطين وفي الوقت نفسه تُدين المقاومة وتصفها بالإرهاب، بينما تتجاهل جرائم الاحتلال من حصار وقتل واستيطان، هذه الازدواجية تكشف أن بعض الاعترافات لا يمكن تفسيرها سوى محاولة لامتصاص غضب الرأي العام، أكثر منها خطوة جادة لإنهاء الاحتلال وحل القضية الفلسطينية

هناك مخاوف فلسطينية من أن تُستغل هذه الاعترافات لتقوية السلطة الفلسطينية وحدها، على حساب خيار المقاومة، فالمسار السياسي الذي يُعزز وجود السلطة لا يُلزم الكيان بأي تنازلات جوهرية، بل قد يُستخدم لتجميد المقاومة وتجريدها من شرعيتها الوطنية دون إحراز أي نجاح، ثم أن هناك تساؤلات متزايدة حول شرعية تمثيل السلطة للشعب الفلسطيني بصورتها الحالية

رغم الزخم الإعلامي، لم يتغير الواقع، فالضفة تُلتهمها المستوطنات، وغزة ترزح تحت الحصار، والكيان يفرض سيطرته الفعلية على كامل الأرض، والاعترافات الحالية من دون إجراءات عملية كالعقوبات أو الدعم القانوني المباشر للفلسطينيين، تبقى رمزية لا تُغيّر في موازين القوى

لا معنى لدولة بلا سيادة على أرضها، فالتوسع الاستيطاني والهيمنة العسكرية للكيان المحتل يحوّلان الاعترافات إلى خطوة شكلية ومع ذلك، فإنها تمنح الفلسطينيين أدوات قانونية لملاحقة الكيان في المحاكم الدولية، وتُبقي قضيتهم على أجندة العالم الحر

من الواضح أن دولة الاحتلال لا تضع خيار القبول بدولة فلسطينية ذات سيادة على طاولتها، وترى نفسها كيان فوق القانون، يرفض كل القرارات الأممية ويمضي في مشروعه الاستيطاني الاستعماري غير عابئ بالعالم، واستمرار الحصار والتوسع والقتل يثبت أن هذا الكيان لا يملك سوى منطق القوة، ولا يفهم سوى لغة الضغط

الاعترافات الدولية بدولة فلسطين خطوة مهمة لكنها غير كافية. فالقضية لا تحتاج فقط إلى بيانات دبلوماسية، بل إلى مواقف عملية تردع دولة الاحتلال تجبرها على الالتزام بالقانون الدولي، وما لم يقترن الاعتراف بالفعل، ستظل هذه الخطوات مجرد رمزية سياسية في مواجهة وقاحة كيان يضرب بعرض الحائط كل قواعد الشرعية

فلسطين لا تُسترد بالتصفيق… بل بالإرادة والضغط

مدار الساعة ـ