أخبار الأردن اقتصاديات دوليات برلمانيات وفيات أحزاب مجتمع وظائف للأردنيين أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مقالات مختارة الموقف مناسبات جاهات واعراس مستثمرون شهادة جامعات بنوك وشركات خليجيات مغاربيات دين رياضة اخبار خفيفة ثقافة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

الدوابشة يكتب: فوضى عارمة عندما يتسابق العالم نحو الهاوية


سليم الدوابشة

الدوابشة يكتب: فوضى عارمة عندما يتسابق العالم نحو الهاوية

مدار الساعة ـ

في زمن يتسارع فيه نبض الأرض كأنها قلب مذعور، حيث تتدفق الأخبار كشلال هائج على المنصات والشاشات، يبدو العالم كلوحة فنية مشوهة، مليئة بالألوان الدامية والظلال الداكنة.

كم كنت أتمنى أن أرسم صورة مشرقة، مليئة بالأمل والتفاؤل، لكن الصدق يفرض نفسه كسيف حاد يقطع ستار الوهم.

فالعالم اليوم ليس مجرد مكان يعج بالتغييرات؛ إنه فوضى عارمة، تبتلع كل شيء في دوامتها، وتزرع بذور الكوارث في كل مجال.

هذه ليست نبوءة سوداوية، بل استرجاع لصفحات التاريخ المنسية، التي تذكرنا بأن الفوضى دائمًا ما كانت تربة خصبة للممارسات الخاطئة، اللا إنسانية، واللا حقوقية.

في عام 2025، يتسارع إيقاع الأحداث العالمية كأنها سباق محموم نحو الانهيار.

الحروب تشتعل في أكثر من جبهة، كالنيران التي تلتهم الغابات الجافة. في أوكرانيا، يستمر الصراع الدامي بين روسيا والغرب، محولاً أرضًا خصبة إلى حقول ألغام وأطلال مدن، مع مخاطر جيوسياسية تتجاوز الحدود لتشمل أزمات إنسانية هائلة.

أما في غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة، فالكارثة الإنسانية تتفاقم، حيث يواجه السكان الإبادة وخطر المجاعة الوشيكة والتهجير، وسط تصعيد في التوترات من إسرائيل في المنطقة، مما يهدد بإشعال حريق إقليمي أوسع.

وفي السودان، الذي يُعتبر اليوم أكبر أزمة إنسانية على وجه الأرض، يعاني ملايين من النزوح والجوع، بينما تستمر الحرب الأهلية في إغراق البلاد في بحر من الدماء.

هذه الأحداث ليست منفصلة؛ إنها مترابطة كسلسلة من الدوامات، تتسارع مع كل يوم، مدفوعة بتوترات جيوسياسية عالمية، مثل الصراعات في ميانمار والكونغو الديمقراطية، حيث تدعم قوى خارجية التمردات، مما يعمق الفجوات.

لكن ما خلف هذه التسارعات؟ السلبيات تكمن في الظلال، كالوحوش المتخفية في الغابة.

الفوضى هذه تخلق بيئة مثالية للانتهاكات الحقوقية، حيث يفقد ملايين الحياة، ويُنزع الآلاف من ديارهم، وتزدهر التجارة غير المشروعة في الأسلحة والمخدرات.

في سوريا، على سبيل المثال، تستمر الأزمة الداخلية بسبب تدخلات خارجية، مع فقر اجتماعي يصل إلى مستويات غير مسبوقة.

أما على المستوى العالمي، فالتضخم يلتهم الاقتصاد (30% القلق العام )، والفقر والبطالة (29% و28% على التوالي) يعمقان الفجوات الاجتماعية، بينما يرتفع الفساد (26%) كفيروس ينتشر في الظلام.

ولا ننسى التغير المناخي، الذي يتسارع مع كل كارثة طبيعية، محولاً المناطق الزراعية إلى صحارى، ومضاعفاً الأزمات الإنسانية في أماكن مثل غرب البنغال أو حدود الولايات المتحدة مع المكسيك.

هذه السلبيات ليست مجرد أرقام؛ إنها قصص بشرية، عن أمهات يفقدن أطفالهن، وعائلات تتشتت، وشعوب تفقد هويتها تحت وطأة اللامبالاة العالمية.

إذا استرجعنا "الملفات المنسية في أدراج التاريخ"، سنجد أن الفوضى ليست جديدة.

تذكر الحرب العالمية الثانية، حيث أدت الفوضى السياسية إلى مذابح جماعية وانتهاكات حقوقية هائلة، أو الثورات في 2011، التي بدأت بأمل وانتهت بفوضى أنتجت حروبًا أهلية وتشوها.

اليوم، في 2025، نرى تكرارًا لتلك الدورة. التقسيمات العالمية تتزايد، و 23% من الخبراء يرون الصراعات المسلحة كأكبر خطر.

هذا ليس تنبؤًا، بل درسًا من الماضي يصرخ في وجه الطغاة: الفوضى لا تبني؛ إنها تهدم، ونهاية الطغاة هي نهاية بشعة وحتمية.

في الختام، أفضل الصدق على التفاؤل الزائف.

العالم يتسارع نحو هاوية، لكن ربما يحاول نظام ما إدراك هذه الفوضى وهنا ربما تكمن البداية لتغيير. أيها القراء الأعزاء، دعونا نواجه الواقع بعيون مفتوحة، قبل أن تبتلعنا الدوامة تمامًا.

مدار الساعة ـ