أخبار الأردن اقتصاديات دوليات برلمانيات وفيات أحزاب مجتمع وظائف للأردنيين أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مقالات مختارة مناسبات جاهات واعراس مستثمرون شهادة الموقف جامعات بنوك وشركات خليجيات مغاربيات دين رياضة اخبار خفيفة ثقافة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

الضمور يكتب: التواضع بين الرفعة وضياع الحق


المحامي حسين احمد الضمور

الضمور يكتب: التواضع بين الرفعة وضياع الحق

مدار الساعة ـ

التواضع من أرفع الأخلاق وأجملها، فهو زينة النفوس الراقية، وميزانٌ دقيق يزن به الإنسان سموّه الداخلي قبل أن يظهر أثره على سلوكه مع الآخرين. غير أنّ لهذا الخُلق الكريم حدودًا لا ينبغي أن يتجاوزها صاحبه، وإلا تحوّل من فضيلةٍ ترفع مكانته إلى سُلّمٍ يتسلّقه من لا يقدّرونه حقّ قدره.

فالتواضع في موضعه يزيد الإنسان هيبةً ووقارًا، ويُظهر معدنه الأصيل، ويزرع المحبة في القلوب، لأنه يدل على ثقة المرء بنفسه ورضاه عنها. لكن حين يخطئ البعض في فهمه، فيجعلونه تنازلًا دائمًا عن الحقوق أو صمتًا أمام التجاوزات، يصبح ذاك الخُلق عبئًا على الكرامة، ومدخلًا للآخرين كي يسلبوا ما هو حقٌ مشروع.

ليس من الحكمة أن يتحوّل التواضع إلى ضعف، أو أن يُستغل نقاء صاحبه ليُهضم حقه. فالعقلاء يجمعون بين رقة الخلق وصلابة الموقف؛ يُحسنون إلى الناس ويتسامحون، لكنهم لا يفرّطون فيما وهبهم الله من عزّة وحقوق.

إنّ التواضع الحق هو أن ترى نفسك في موضعها الطبيعي، لا فوق الناس ولا دونهم، وأن تُعامل الآخرين بما تحب أن يعاملوك به، دون أن تسمح لمن في قلبه جفاء أن يتخذ حلمك سذاجة أو تواضعك استسلامًا.

فمن أراد أن يسمو حقًا، فليحسن اختيار مواطن تواضعه، وليجعل من كرامته سياجًا يحفظه، حتى يبقى التواضع رفعةً للنفس لا انتقاصًا لها، وخلقًا يعلو بالإنسان بدل أن يستهلكه.

مدار الساعة ـ