مر ما يقارب ثلاثة أشهر على قرار وزارة الإدارة المحلية حل المجالس البلدية المنتخبة وتعيين لجان جديدة لإدارة البلديات، وهي مدة كافية لتقديم تقييم أولي لهذه التجربة ومدى انعكاسها على الخدمات والتنمية المحلية في مختلف المحافظات.
لقد أثبتت التجربة أن تعيين لجان من الفنيين وأصحاب الخبرة أحدث فرقًا ملموسًا في الأداء، ترجمه المواطن من خلال تحسن النظافة العامة والمشهد الحضري في المدن بفضل الحملات التي أزالت الاعتداءات على الشوارع والأرصفة، إضافة إلى سرعة إنجاز معاملات المواطنين، وهو ما يعكس أن الكفاءة الإدارية والمهنية تثمر نتائج أسرع وأكثر فاعلية بعيدًا عن التجاذبات الانتخابيةفي بلدية إربد الكبرى، حيث أعيش وأتابع عن قرب، بدت الإنجازات واضحة خلال الثلاث شهور الأولى من عمل اللجنة، فقد شهد المواطنون تحسنًا كبيرًا في مستوى النظافة والاهتمام بالأشجار والمساحات الخضراء، إلى جانب حلول عملية لأزمات مرورية مزمنة في عدد من “النقاط الساخنة”، والأهم أن اللجنة شرعت بخطوات فعلية لمشروع تطوير وسط المدينة الذي طال انتظاره، بل واتخذت قرارًا جريئًا بطمر ما عرف بـ”حسبة الجورة” التي بقيت أكثر من عامين حفرة مهملة وتشوهًا بصريًا وسط المدينة، الأمر الذي أعاد الثقة بقدرة البلدية على مواجهة الملفات المؤجلةولم تتوقف إنجازات اللجنة عند حدود الخدمات الأساسية، بل امتدت إلى بناء شراكات مع مؤسسات المجتمع المحلي من أندية وجمعيات، وتقديم دعم انعكس إيجابًا على الحياة الاجتماعية والرياضية، كما انفتحت على القطاع التجاري وقادت حوارات جدية مع ممثلي الحركة التجارية، استمعت خلالها لملاحظاتهم، وأقرت تحسينات في البنية التحتية تتوافق مع تطلعاتهم وتعزز النشاط الاقتصادي، مما حول العلاقة بين البلدية والتجار من علاقة مطالبة إلى علاقة شراكة حقيقيةإلى جانب ذلك برزت العدالة في توزيع الخدمات بين مختلف المناطق بعيدًا عن الحسابات الانتخابية، ما عزز الشعور بالمساواة بين المواطنين، كما أسهم تسريع إنجاز معاملات المراجعين في رفع وتيرة التنمية المحلية وتحفيز النشاط الاقتصادي والخدمي.وتبرز هنا نقطة مهمة أن الكثير من الملفات والتحديات التي طال إهمالها لسنوات واعتبرت معضلات مستعصية، وجدت لها حلول عملية بمجرد توافر الإرادة والرؤية المهنية، وهذا ما يفتح الأفق أمام إعادة التفكير بآليات أكثر فاعلية لإدارة البلديات مستقبلًا.إن تجربة لجان البلديات وفي مقدمتها لجنة بلدية إربد الكبرى قدمت نموذجًا يستحق الدراسة، إذ أظهرت أن الإدارة البلدية الناجحة تحتاج إلى عقلية مهنية أكثر من حاجتها إلى شعارات انتخابية، ومع ذلك تبقى الأسئلة قائمة: هل الأفضل العودة إلى انتخاب المجالس كما في السابق، أم تطوير نظام هجين يجمع بين التمثيل الشعبي والكفاءة الفنية؟بعد مرور ثلاث شهور يمكن القول ان تجربة تعيين اللجان وفي مقدمتها لجنة بلدية اربد الكبرى قدمت نموذجا يستحق الدراسة .التل يكتب: تجربة لجان البلديات.. بلدية إربد الكبرى نموذجًا
مدار الساعة  ـ