وجه رئيس روسيا الاتحادية العظمى فلاديمير بوتين دعوة لقادة وزعماء العرب لحضور القمة الروسية – العربية التي ستعقد أعمالها بتاريخ 15 أكتوبر المقبل في العاصمة الروسية موسكو.
وروسيا، كما نعرف، دولة شرقية عملاقة بحجم قارة مساحتها حوالي 18 مليون كلم2، وتتربع على الرقم 1 نوويا عسكريا، وفي قوة النار، وهي حقيقة وليست دعاية غير محتاجة لها. والأولى في الاقتصاد على مستوى آسيا – آسيان، وحجم تبادل تجاري معها وصل إلى 23 مليار دولار، وتمتلك مصادر طبيعية وافرة وثمينة ونادرة غير متوفرة بنفس الميزات في العالم، وهي زعيمة الشرق بلا منافس، وسياستها الخارجية واضحة لا لبس فيها، وهي ميزان القانون الدولي، والأكثر تمسكا به وتطبيقا له على مستوى العالم.
وروسيا دولة مؤثرة في السياسة وفي الاقتصاد، فهي تقود توجه عالم متعدد الأقطاب الذي يمثل شرق وجنوب العالم المناهض لمسار أحادية القطب الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية. واللقاء الصيني الأخير بتاريخ 31 أغسطس 2025 كرس التوجه، وهي منفتحة على الغرب ذات الوقت. وزيارة الرئيس بوتين التاريخية لأمريكا في إقليم ألاسكا مؤخرا بتاريخ 15 أغسطس 2025 ولقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشجاعة، والحديث معه مباشرة لفترة من الوقت باللغة الانجليزية، وباللغة الروسية عبر الترجمة ومنها الفورية خير شاهد. و روسيا عضو فاعل في منظمة شنغاهاي للتعاون المؤسسة عام 2001، اقتصادية الطابع، ولها أبعاد عسكرية ولوجستية مشتركة، وتمثل الحزام الاقتصادي بالتعاون مع الصين العظمى ودول الأوراسيا، وإنتاج عالمي نسبته 23،16 %. وتترأس روسيا منظمة بريكس الاقتصادية أيضا التي تأسست عام 2006، والبالغ انتاجها 18 % من التجارة العالمية. والهدف الروسي بعيد المدى من شنغاهاي والبريكس هو مواجهة تغول أحادية القطب، والبحث عن علاقات دولية جديدة، ونظام عالمي جديد، وعن أمم متحدة بصيغة جديدة عادلة بعد مرور80 عاما على التأسيس بعد الحرب العالمية الثانية، وعن مجلس أمن بوجه جديد في ظل سيطرة قانون ( الفيتو )، ولتحديث نظام (بريتون وودز) المالي وصولا لنظام مالي عالمي جديد.وروسيا تعترف بالقطب العربي على مستوى السياسة والاقتصاد، والجيوسياسيا واستراتيجيا، وبالعلاقات الجيوبولوتيكية المستقرة والمتطورة. وتعترف بعدالة القضية الفلسطينية من زاوية القانون الدولي، وتطالب كما العرب بضرورة التزام إسرائيل بحدود الرابع من حزيران لعام 1967، وبحل الدولتين، وبإقامة الدولة الفلسطينية فوق التراب الوطني الفلسطيني بعاصمتها القدس، وبتجميد المستوطنات غير الشرعية.
وموقف روسيا من الحرب الأوكرانية شيوعا ثابت، وتعاملت مع ملفها منذ البداية بالإرتكاز على مادة ميثاق الأمم المتحدة رقم 751 التي أتاحت لها الدفاع عن سيادتها أمام حرب ظالمة لها لم تبدأها، ومن أجل ذلك حركت بتاريخ 24 فبراير 2022 عمليتها العسكرية الدفاعية، التحريرية بعد مرورثماني سنوات على انقلاب " كييف " عام 2014 غير الشرعي، وبعد الحرب الشعبية بين غرب وشرق وجنوب أوكرانيا الهادفان وبالتعاون مع بريطانيا – باريس جونسون، وأمريكا – جوبايدن، وعموم الغرب لأجتثاث الحضور الروسي من أوكرانيا جارة الجنوب والعلاقات الشقيقة، ولديمومة الحرب الباردة وسباق التسلح، ولاضعاف روسيا ومحاصرتها من دون مراعاة لعلاقات التاريخ الاستراتيجية بين روسيا وأوكرانيا، في زمن الاتحاد السوفيتي 1922 / 1991، وإغفال بأن دخول أوكرانيا للاتحاد السوفيتي لم يشبه الخروج منه، وهي، أي أوكرانيا لم تمتلك القرم ولا الدونباس إلا بعد خروجها واستقلالها الطوعي عام 1991 عن الاتحاد السوفيتي، وقدما لها حينها شريطة عدم التغريد خارج السرب الروسي -السوفيتي السابق ( اتحاد الدول المستقلة )، فاختارت " كييف " إدارة الظهر لروسيا مرة واحدة وللحلف السوفيتي السابق بجهد التيار البنديري المتطرف والتعاون اللوجستي مع الغرب، والزحف تجاه حلف ( الناتو) المعادي لروسيا، وهو الذي رفضته روسيا، ورفضه شرق وجنوب أوكرانيا، وتم التصويت للانفصال عن نظام " كييف " والانضمام لروسيا ودستورها وجواز سفرها عبر صناديق الاقتراع. وليس صحيحا كما تشيع ماكنة إعلام الغرب وفي " كييف " بأن روسيا تخلت عن القرم والدونباس لصالح أوكرانيا مقابل سحب السلاح النووي الروسي من أوكرانيا، وهو المركون وقتها هناك منذ الزمن السوفيتي. واتفاقية عام 1994 النووية لخفض الترسانة النووية بين موسكو وواشنطن هي التي سحبت السلاح النووي من أوكرانيا تجاه روسيا لا أكثر ولا أقل. جلالة الملك عبد الله الثاني حفظه الله عزز العلاقات الأردنية – الروسية ومتن أواصرها، وهي التي تعود جذورها لعام 1963، لزمن مليكنا الراحل العظيم الحسين بن طلال طيب الله ثراه، والزعيم السوفيتي نيكيتا خروتشوف وسط سعير الحرب الباردة بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية والغرب. والاردن – المملكة الأردنية الهاشمية دولة عربية هامة وفي صدارة العرب، وتطل على أطول جبهة مع إسرائيل، وتتمتع بموقع جيوسياسي استراتيجي متقدم، وهي هامة كما دول العرب بالنسبة لروسيا الاتحادية الحريصة على الانفتاح على العرب ودول العالم. وللأردن بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني موقف محايد من الحرب الأوكرانية، وداعيا للسلام الروسي والأوكراني وفقا لأحكام القانون الدولي، وشارك بتوجه دبلوماسي عربي تحت مظلة الجامعة العربية وعبر جهد متميز للخارجية الأردنية تقدمه وزير الخارجية السيد أيمن الصفدي. وفي نهاية المطاف الحرب الأوكرانية ليست حربنا نحن العرب، لكن جهود السلام والمساعدات الإنسانية العربية للشعب الأوكراني مطلوبة، مع الأخذ بعين الاعتبار بأن العسكرة الروسية لا تستهدف الشعب الأوكراني ولا حتى نظامه السياسي وتفاوضه.وتقدمت المملكة العربية السعودية الشقيقة دول العرب في حجم المساعدات الإنسانية لأوكرانيا، وتحديدا للجانب الغربي منه، وصل إلى 410 مليون دولار، وقدمت الإمارات 100 مليون دولار، وقطر 5 مليون دولار، والكويت 2 مليون دولار، والبحرين مليون دولار. ولن يحتاج القادة العرب في موسكو لطلب إسناد القضية الفلسطينية العادلة، ولقيام دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشريف بسبب أنها تشكل مبدأ ثابتا وعقيدة سياسية وقانونية لا تتغير. وزيارة جلالة الملك عبد الله الثاني لموسكو المقبلة المرتقبة إلى جانب زعماء العرب فرصة لتعريف الدولة الروسية والمجتمع الروسي المليوني من حيث عدد السكان بجهود جلالته الكبيرة والمضنية إلى جانب القضية الفلسطينية الواجب أن تبقى عادلة. وهي فرصة لتطوير العلاقات العربية – الروسية على كافة المستويات الأقتصادية، ومنها العسكرية الدفاعية، ولبحث أمور الدفاع المشترك في مواجهة غطرسة إسرائيل الاحتلالية والتي تمارس سلوكا همجيا وفوق القانون الدولي. ولتطوير العلاقات الثقافية والاجتماعية أيضا. وبالمناسبة روسيا المعاصرة تبحث في حوكمة العالم، والقدوم بالجديد في مجالات القانون الدولي وانصاف دول وشعوب العالم المتضررة من الاحتلالات والاستعمارات، ومن الاستيطان، وفي مقدمتها الإسرائيلي.ولقد بلغ حجم التبادل التجاري بين روسيا وبلاد العرب عام 2022 مثلا حسب قراءة لوزارة الصناعة والتجارة الروسية 18 مليار دولار، منها نصف مليار دولار بين الاردن وروسيا.و3،6 مليار مع السعودية، و18 مليار مع الإمارات، و13 مليار مع قطر، و1،5 مليار دولار مع الكويت، و6،6 مليار دولار مع مصر، و4 مليار دولار مع الجزائر، و133 مليون دولار مع سلطنة عمان، و283 مليون دولار مع العراق، و500 مليون دولار مع موريتانيا، و2 مليار دولار مع تونس، و110 ملايين دولار مع السودان.وعلاقات روسية دافئة مع جزر القمر.