أخبار الأردن اقتصاديات دوليات وفيات برلمانيات وظائف للأردنيين أحزاب مجتمع أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مقالات مختارة جاهات واعراس مستثمرون شهادة الموقف مناسبات جامعات بنوك وشركات خليجيات مغاربيات دين اخبار خفيفة ثقافة رياضة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

بني سلامة يكتب: لقاء الملك برؤساء الوزارات.. رسالة طمأنة وعنوان اعتزاز


أ.د. محمد تركي بني سلامة

بني سلامة يكتب: لقاء الملك برؤساء الوزارات.. رسالة طمأنة وعنوان اعتزاز

مدار الساعة ـ

في ضوء ما رشح من معلومات عن لقاء جلالة الملك برؤساء الوزارات السابقين، يتأكد مرة أخرى أن الملك حريص كل الحرص على طمأنة أبناء شعبه إلى جهوزية الدولة الأردنية وصلابتها، وقدرتها الراسخة على حماية أمنها وصون سيادتها. والأردن، كما كان دومًا، لا يعمل منفردًا، بل يسير بخطى ثابتة في إطار من الشراكة والتعاون مع الأشقاء والأصدقاء، دفاعًا عن مصالحه العليا، وحفاظًا على استقلاله الوطني، وهو في ذات الوقت ماضٍ في مسيرة البناء والتحديث رغم ما يحيط به من ظروف إقليمية صعبة وتحديات جسيمة.

إن المطلوب اليوم هو إعلاء شأن المنجزات الوطنية وتجاوز الخيبات، والانطلاق بهمة عالية نحو تحقيق مصالح البلاد والعباد. فالاعتزاز بالمنجز الأردني لم يعد ترفًا فكريًا أو خطابًا عاطفيًا، بل صار واجبًا وطنيًا وأخلاقيًا يفرضه الواقع والتاريخ معًا. صحيح أن الأردنيين مروا بتجارب قاسية وخيبات كثيرة، لكن لا يجوز أن تتحول هذه الخيبات إلى مدخل للتقليل من قيمة تضحياتهم العظيمة أو إنجازاتهم الكبيرة. فالأردن لم يكن يومًا "خبز الشعير مأكول مذموم"، بل كان دائمًا البئر الصافي الذي ارتوى منه كثيرون، وبيت التضحية الذي آوى الملهوفين، ودرعًا متينًا حمى الأمة من محيطها إلى خليجها.

لقد كان الأردن، وما يزال، الأكثر تضحية وتقديمًا لخدمة القضايا العربية من العراق شرقًا، إلى شواطئ الأطلسي غربًا، مرورًا بسوريا ولبنان وفلسطين، والخليج العربي، ومصر، والسودان، وليبيا، والمغرب العربي. لم يتأخر يومًا عن نصرة أي قضية عربية عادلة، وكان في مقدمة الصفوف حين نادت الأمة بالواجب. وليس ذلك فحسب، بل حمل الأردن رسالة الدفاع عن قضايا الأمة الإسلامية في كل مكان، فصوت عمان ظل حاضرًا نصيرًا للقدس الشريف وفلسطين، ومؤيدًا لكل قضية عادلة تخص المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها.

وعليه، لا يملك أحد أن يزيد أو يزايد على الأردن، ولا يحق لأحد أن يبيعنا قومية أو عروبة أو إسلامًا؛ فالأردن هو المدرسة التي جسدت هذه القيم قولًا وفعلاً وتضحية. والتاريخ شاهد على أن الأردنيين ما توانوا يومًا عن دفع ضريبة الانتماء القومي والديني، بالدم قبل الكلمة، وبالموقف الصلب قبل الشعارات.

ومن هنا، آن الأوان أن يُرفع الصوت عاليًا: كرامة الأردني فوق كل اعتبار. لم يعد مقبولًا الصمت الذي فُسِّر خطأً ضعفًا، ولم يعد مقبولًا أن يُستهان بتضحيات شعب قدّم أغلى ما يملك دفاعًا عن وطنه وأمته. والمطلوب اليوم إعادة النظر جذريًا في تركيبة وفلسفة ورسالة الإعلام الأردني، ليكون إعلامًا وطنيًا صادقًا، يرسخ الهوية الأردنية، وينتصر للمنجز الوطني، ويصون الكرامة الأردنية من كل عبث أو استهانة.

إن الأردن يستحق خطابًا إعلاميًا يليق بتاريخه العريق وشعبه الأصيل، إعلامًا يبني ولا يهدم، يرفع ولا يجرح، يؤكد الاعتزاز بالذات الوطنية، ويحصّن المجتمع أمام كل نيران صديقة أو غريبة، أرادت أن تضعف ثقة الأردني بنفسه وببلده.

ختامًا، إن من يقرأ تاريخ الأردن ويستشرف مستقبله، يدرك أن هذا البلد الصغير بحجمه، الكبير بعطائه، لم يتوقف يومًا عن حمل رسالته والذود عن قضاياه وعن قضايا أمته. وسيبقى الأردن، بقيادته الهاشمية وشعبه الواعي، عصيًا على الانكسار، ماضيًا في بناء دولته الحديثة، ورافعًا رايات العزة والكرامة فوق كل اعتبار.

مدار الساعة ـ