أخبار الأردن اقتصاديات دوليات برلمانيات وفيات أحزاب مجتمع وظائف للأردنيين أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مقالات مختارة الموقف مناسبات جاهات واعراس مستثمرون شهادة جامعات بنوك وشركات خليجيات مغاربيات دين رياضة اخبار خفيفة ثقافة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

من هو 'الحراث ابن الحراث'؟


علاء القرالة

من هو 'الحراث ابن الحراث'؟

مدار الساعة (الرأي الأردنية) ـ

مصطلح "حراث ابن حراث" للأسف بات حاضرا بقوة في حياتنا اليومية، ويظهر كلما جرى تعيين أحد أبناء أو أقارب المسؤولين في منصب عام، ومع مرور الوقت أصبح وسيلة هجوم على اصحاب القرار بالتعيين، حتى باتت كأنها تهمة بحد ذاتها، فلماذا اصبحت هذه العبارة معيارا للوظيفة والمناصب العامة؟.

هنا لابد من سؤال مروجيها، ويكمن في انه إذا كنت اليوم "حراث ابن حراث"، فما هي صفتك غدا حين تتولى منصبا رسميا؟ والأهم ماذا ستقول لأبنائك وإخوتك حين تصبح بموقع حكومي مهم؟ هل سيفقدون حقوقهم لأن صفة "الحراث ابن الحراث" سقطت عنهم وعنك؟.

لا أعلم إن كان من المطلوب أن تدرج صفة "حراث ابن حراث" في السيرة الذاتية لكل متقدم إلى وظيفة عليا حتى يقبل بها ويحرم ابناء المسؤولين، ولا أفهم ما ذنب ابن المسؤول ، ليحرم فقط لأنه يحمل اسم عائلة المسؤول، فهل على أبناء المسؤولين أن يهاجروا كي لا يحاسبوا على أسماء ابائهم؟ ولماذا تستخدم هذه العبارة شماعة لتعليق الفشل بدل أن تمنح الفرصة لإثبات الكفاءة؟.

أصل العبارة كان شريفا، فقد ولدت لتعبر عن "الفخر" بالكدح والعمل الشريف، لكنها مع الوقت تحولت إلى أداة تجريح، تُستخدم كسلاح لكسر كل من يتولى منصبا عاما، وأصبحت أقرب إلى شتيمة الغير منها إلى وسام شرف.

اليوم، كل من يدخل منصبا عاما من أبناء المسؤولين يحاكم مسبقا قبل أن يبدأ، فتلتصق به تهمة "الواسطة" و"التوريث"، حتى إن كان مؤهلا وحاملا لشهادات مشهود لها، وهنا يطرح السؤال، بأي منطق أصبح "المنصب نقمة" بدل أن يكون فرصة لخدمة الوطن؟ وهل المطلوب أن يعيش أبناء المسؤولين منبوذين أو مهجرين، فقط لأنهم ولدوا في عائلة تقلد أحد أفرادها منصبا رسميا؟.

العدالة الحقيقية لا تعني حرمان أبناء المسؤولين من حقوقهم ولا تهميش ابناء الحراثين، بل تعني التنافس النزيه تحت مظلة واحدة بلا وساطات أو استثناءات، غير أن واقعنا اليوم مختلف، إذ تحكم النظرة المسبقة وتسبق التهمة الإنجاز، ليصبح "الحراث ابن الحراث" معيارا لتولي المناصب بدل أن يكون الإنجاز والكفاءة هو الحكم.

خلاصة القول، شخصيا، سأرفض أي منصب قد يعرض علي، وهذا ليس لغياب الطموح، بل حماية لإخوتي وأبنائي من هذا الظلم الاجتماعي المقيت، فلا أريد أن يحملوا عبء اسمي أو يحرموا من حقوقهم لمجرد أنني قبلت منصبا قد يفتح عليهم أبواب الاتهام والتجريح للابد، ورفضي هنا ليس هروبا من المسؤولية، بل تضحية مسبقة، حتى لا يدفع غيري ثمنا لأنهم "أبناء وأشقاء فلان"، بعدما أن تسقط عنهم صفة "أبناء وأشقاء الحراث".

مدار الساعة (الرأي الأردنية) ـ