أخبار الأردن اقتصاديات دوليات برلمانيات وفيات أحزاب مجتمع وظائف للأردنيين أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مقالات مختارة مناسبات جاهات واعراس مستثمرون شهادة الموقف جامعات بنوك وشركات خليجيات مغاربيات دين رياضة اخبار خفيفة ثقافة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

التل يكتب: بين مكتب الوزير ومكتب الأمين العام.. أين تختفي حقوق المواطن؟


د. مصطفى التل

التل يكتب: بين مكتب الوزير ومكتب الأمين العام.. أين تختفي حقوق المواطن؟

مدار الساعة ـ

بينما كنت أقف في ذلك البهو الواسع، وقدّمت شكواي للموظف في ديوان إحدى الوزارات، لم أكن أعلم أن تلك اللحظة العابرة ستكشف لي عن واحدة من أعمق الإشكاليات الإدارية في دولتنا.

لم يكن الأمر مجرد إجراء روتيني، بل كان مشهداً من مشاهد مسرحية كبيرة نعيشها كل يوم, مسرحية "صراع السلطات غير المرئي" بين مَن يُفترض أن يكونوا شركاء في خدمة الوطن.

الوزير.. ذلك الرجل الذي يحمل على عاتقه أعباء سياسية وتطلعات تحقيق برامج ، يريد أن يحدث تغييراً سريعاً يلمسه صانع القرار, إنه يعيش تحت ساعة سياسية تدق بسرعة، حيث تُقاس الفترات الوزارية بالأشهر لا بالسنين.

وفي الجهة الأخرى، الأمين العام.. الرجل الذي يعرف تفاصيل المؤسسة كما يعرف بيته، يحفظ دفاترها القديمة وروائح ممراتها, إنه يحرس استقرار المؤسسة كما يحرس الأب أسرته.

هنا تكمن المعضلة:

كيف نوفق بين ضرورة السرعة في الإنجاز وضرورة التريث في الدراسة؟!

بين متطلبات التغيير السياسي وحتمية الاستقرار الإداري؟!

بين رغبة الوزير في ترك بصمة شخصية وإصرار الأمين العام على الحفاظ على هوية المؤسسة.....

الحقيقة التي يجب أن نعترف بها هي أن كلا الطرفين على حق، لكن المشكلة ليست في الأشخاص، بل في النظام الذي يجعل من هذا الاختلاف مصدراً للتصادم بدلاً من أن يكون مصدراً للإثراء.

إن غياب الوضوح في الصلاحيات، وضبابية التشريعات، وعدم وجود آليات واضحة للتعاون، كلها عوامل تحوّل الاختلاف في وجهات النظر من فرصة للإبداع إلى معركة على النفوذ.

لكن الضحية الحقيقية في هذه المعركة ليست الوزير ولا الأمين العام، بل ذلك المواطن الذي يقف في طوابير الدوائر الحكومية، حاملاً أوراقه وأحلامه، ينتظر أن تصل صيحته إلى مَن بيدهم القرار.

الحل يبدأ من إعادة تعريف العلاقة بين السياسي والإداري على أنها شراكة لا صراع، تكامل لا تنافس. شراكة تقوم على:

• وضوح الصلاحيات والمسؤوليات

• شفافية الإجراءات والقرارات

• احترام التخصصات والخبرات

• وضع المصلحة العامة فوق كل الاعتبارات

ففي النهاية، ليست الوزارات مباني فخمة أو ألقاباً رنانة، بل هي بيوت لخدمة الناس,والوزير والأمين العام ليسا خصمين في حلبة، بل هما ربانان لسفينة واحدة، إن تعاونا وصلت بالجميع إلى بر الأمان، وإن تصارعا غرقت السفينة ومن عليه

مدار الساعة ـ