يواجه الأردن تحديات كبيرة في تحقيق الأمن الغذائي نتيجة لتشابك العديد من العوامل، أبرزها ندرة المياه، ارتفاع تكاليف الإنتاج، التغيرات المناخية، والتجارة الدولية. فالقطاع الزراعي، الذي يمثل أحد الركائز الأساسية للإقتصاد ، معرض بشكل متزايد للضغوط الناتجة عن الآفات الزراعية، التي تؤدي سنوياً إلى خسائر كبيرة في المحاصيل تتراوح بين 20% -40% من الإنتاج العالمي وفقاً لمنظمة الأغذية والزراعة(FAO) وهذة الخسائر لا تؤثر على الإنتاج فقط بل تمتد لتشمل جودة المنتجات، تكاليف برامج المكافحة، واستدامة القطاع الزراعي بشكل متكامل.
تلعب التغيرات المناخية دوراً كبيراً في زيادة تهديد الآفات الزراعية بمختلف أنواعها في الأردن، فإرتفاع درجات الحرارة يؤدي إلى تسريع دورات حياة الحشرات ويتيح ظهور أجيال إضافية خلال الموسم الزراعي فيزيد الضرر على المحاصيل،كما يؤدي المناخ الدافئ إلى توسيع نطاق انتشار الآفات الغازية إلى مناطق لم تكن مناسبة لها سابقاً، مثل دودة الحشد الخريفية والجراد الصحراوي. بالإضافة إلى ذلك، تؤثر التغيرات في أنماط الهطول والجفاف على انتشار الأمراض النباتية الفطرية والبكتيرية، فتزيد من ضعف المحاصيل وتجعلها أكثر عرضة للإصابة، مما يخلق حلقة مفرغة بين تدهور البيئة الزراعية وزيادة خسائر الإنتاج. من ناحية أخرى، أصبحت التجارة الدولية مساراً رئيسياً لدخول الآفات الغازية، حيث تنتقل عبر الأشتال، مواد التعبئة، وحتى أمتعة المسافرين. وتجربة الأردن مع حشرة سوسة النخيل الحمراء، دودة الحشد الخريفية، الجراد الصحراوي، وذبابة الفاكهة، تظهر كيف يمكن للتجارة والتغير المناخي معاً مضاعفة المخاطر على الأمن الغذائي. على الرغم من وجود إطار تشريعي قوي (قانون الزراعة 2015) وما ينبثق عنه من أنظمة وتعليمات، فإن التحدي يكمن في التطبيق الفعلي على أرض الواقع،خصوصاً في المنافذ الحدودية، مما يتطلب تعزيز الرقابة الفنية والموارد البشرية والتكنولوجيا الحديثة.كما تعتبر الآفات الزراعية من التحديات المحلية التي تؤثر بشكل مباشر على الإنتاج المحلي، مما يزيد الإعتماد على الواردات الغذائية وتضع عبئاً مالياً على الدولة والمزارعين، حيث يؤدي انتشارها إلى إنخفاض جودة المحاصيل وإرتفاع تكاليف المكافحة فوق قدرة المزارعين، خصوصاً صغار المزارعين. إضافة إلى ذلك، ضعف البنية التحتية للتسويق والنقل يزيد من صعوبة وصول المنتجات إلى الأسواق المحلية والدولية، ويقلل من تنافسية المنتجات الزراعية الأردنية.من هنا يأتي دور الجهات المعنية في تطبيق استراتيجية واضحة لتعزيز الأمن الغذائي في مجال مكافحة الافات الزراعية منها تطبيق برامج الإدارة المتكاملة للآفات بدمج المكافحة الزراعية، الحيوية، الميكانيكية، مع استخدام المبيدات الكيميائية كحل أخير وبأقل تركيز ممكن، وإعتماد أصناف نباتية محسنة مقاومة للآفات والجفاف، ودعم تحسين ممارسات الري والتسميد، والإستفادة من الأعداء الطبيعية للآفات. بالاضافة الى تعزيز الحجر النباتي والرقابة الحدودية من خلال تطوير إجراءات الفحص في المنافذ الحدودية والإستثمار في أجهزة الكشف والتكنولوجيا الحديثة، وتطبيق الحجر المؤقت على المنتجات عالية الخطورة. وتعزيز التعاون الإقليمي والدولي من خلال المنظمات والهيئات ذات الصلة لتبادل المعلومات عن الآفات المستجدة، وتنسيق إجراءات المكافحة مع الدول المجاورة. ودعم البحث والتطوير بزيادة تمويل البحوث لتطوير أصناف مقاومة للآفات،واعتماد تقنيات حديثة مثل الري بالتنقيط وأجهزة الاستشعار لتحسين كفاءة الموارد وتقليل الظروف الملائمة لإنتشار لآفات. أما بناء القدرات وتوعية المزارعين فهي الحلقة الرئيسية والداعمة للقطاع من خلال تطوير برامج إرشادية زراعية متخصصة لتعليم المزارعين كيفية تطبيق مبادئ الإدارة المتكاملة للآفات ورفع مستوى الوعي المجتمعي حول مخاطر نقل الآفات عبر المنتجات الزراعية والأمتعة الشخصية، ودور المجتمع في حماية الأمن الغذائي.ومن جهة إدارة الملف على المستوى الإقليمي يجب تنسيق السياسات والإجراءات بين الدول المجاورة، تبادل المعلومات حول الآفات الغازية، وإنشاء شبكات إنذار مبكر مشتركة. وعلى المستوى الدولي تكثيف الجهود في التعاون مع المنظمات العالمية، الاستفادة من الخبرات الدولية، وضمان التوافق مع اتفاقيات ومعايير الأمن الغذائي العالمية.في الخلاصة الأمن الغذائي في الأردن مرتبط بشكل وثيق بقدرة الدولة على إدارة الآفات الزراعية في ظل التغير المناخي والتجارة الدولية. الحلول الجزئية غير كافية، ويجب تبني نهج متكامل يجمع بين التشريع الفعال، الإدارة المتكاملة للآفات، البحث والتطوير، وبناء القدرات الوطنية، بالإضافة إلى التعاون الإقليمي والدولي. حماية المحاصيل تعني حماية الاقتصاد، البيئة واستدامة الأمن الغذائي الوطني للأجيال القادمة، وضمان قدرة الأردن على مواجهة التحديات الحالية والمستقبلية بشكل مرن ومستدام.#دعم المزارع الاردني واجب وطني يفوق كل الواجبات لأنه الذراع الرئيسي للأمن الغذائي#الروابدة تكتب: الآفات الزراعية والأمن الغذائي
مدار الساعة  ـ