أخبار الأردن اقتصاديات دوليات وفيات برلمانيات وظائف للأردنيين أحزاب مجتمع أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مقالات مختارة جاهات واعراس مستثمرون شهادة الموقف مناسبات جامعات بنوك وشركات خليجيات مغاربيات دين اخبار خفيفة ثقافة رياضة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

العجارمة يكتب: الشرق الأوسط في عيون توم، وخطة ترامب!


د. احمد فايز العجارمة

العجارمة يكتب: الشرق الأوسط في عيون توم، وخطة ترامب!

مدار الساعة ـ

وصف المبعوث الأمريكي إلى سوريا توم باراك الشرق الأوسط -كما يراه- بانه "قبائل وقرى"، وإن الدول القومية في المنطقة نشأت عبر البريطانيين، والفرنسيين في العام 1916 من خلال اتفاقية "سايكس بيكو".

وأضاف: "الدول القومية بمنطقة الشرق الأوسط قامت على يد البريطانيين والفرنسيين.. وكما قالت سايكس بيكو سنأخذ ما يعرف بالإمبراطورية العثمانية وسنرسم خطوطاً مستقيمة حولها، وسنطلق عليها اسم الدول القومية، لكن الشرق الأوسط لا يعمل بهذه الطريقة إذ بدأ بالفرد ثم العائلة ثم القرية ثم القبيلة والمجتمع، والدين ليتكون أخيراً مفهوم الدولة".

وتوم باراك بهذا الوصف ملتزم تماماً بالنظرة الإستشراقية التي بدأ الغرب بصناعتها من خلال حركة فكرية أكاديمية غربية تهتم بدراسة الشرق في لغاته وآدابه وفلسفاته وحضاراته وأديانه سميت بالإستشراق Orientalism، وقد تم توظيف الإستشراق من قبل الدوائر الإستعمارية في الغرب من اجل تسهيل وتبرير السيطرة والإستعمار والهيمنة على الشرق، فالإسشراق كما يعرفه إدوارد سعيد في كتابه الشهير الذي يحمل نفس الإسم(الإستشراق) "ليس مجرد حقل أكاديمي لدراسة الشرق، بل هو منظومة فكرية وسلطة معرفية، استخدمها الغرب لترسيخ تفوقه وهيمنته على الشرق من خلال إنتاج صور مشوهة ومبسطة عنه".

فالشرق وفقاً لهذه الصورة الإستشراقية (غريب، متخلف، شهواني، عاطفي، غير عقلاني) ، وهو بحاجة الي الغرب العاقل كي يرعاه ويقوده إما بالاستعمار المباشر او الإحتلال أو الهيمنة والتبعية القائمة حتى اليوم.

بل أن تسمية "الشرق الأوسط" نفسها هي تسمية استشراقية استعمارية، ظهرت في الدوائر الإستعمارية الغربية (وزارة المستعمرات البريطانية) التي كانت تقسم الشرق الى ثلاثة اقاليم (شرق أقصى، وشرق أدنى، وشرق أوسط) وتسميات الأوسط والأدنى والأقصى هنا تتعلق بموقعها من البلد المستعمر –بريطانيا- صاحبة التسمية.

وبالعودة الى إدوارد سعيد، الذي قدم نقداً معرفياً وحضارياً للإستشراق من خلال كشفه "أن الغرب لم يدرس "الشرق" بحياد أو علمية، بل خلق خطاباً ضخماً يخدم القوة والهيمنة الإمبريالية. "فالشرق كما نعرفه اليوم في الكتب الغربية أو في المخيلة الغربية، ليس "الشرق الحقيقي"، بل "شرق متخيَّل" صاغه الغرب. وذلك من أجل خدمة سياسة الإستعمار والهيمنة وتبريرها.

إذا فليس غريباً أن تأتي تصريحات توم باراك متزامنة وقبيل اعلان خطة ترامب لإدارة قطاع غزة من خلال مجلس يسميه (مجلس السلام) برئاسته ويضم في عضويته أفراداً من الغرب (سياسيون واقتصاديون) من ضمنهم تولي بلير، صاحب الملف الحافل في نشر الديمقراطية في العراق، وليس من ضمنه بطبيعة الحال السلطة (الفاسدة) والتي تنتمي لهذا الشرق الفاسد الفاقد للأهلية الأخلاقية والقانونية لحكم نفسه بنفسه، فياتي الغرب ليأخذ بيده مؤقتاً حتى ينضج، وياخذ باليد الأخرى الإستثمارات والموارد والعوائد من ريفيرا الشرق الأوسط الجديد!

مدار الساعة ـ