تعد لجان القبول في مجالات التفوق الفني والرياضي بوابة العبور للمواهب الشابة نحو مستقبل إبداعي مثمر، إلا أن آلية تشكيل هذه اللجان ما زالت بحاجة إلى مراجعة جادة تواكب متغيرات العصر وتراعي طبيعة التخصصات الفنية والرياضية بشكل دقيق ، حيث إن الواقع الحالي يتطلب إعادة النظر في عدد من الجوانب الأساسية لضمان عدالة التقييم وفاعليته، بما يخدم مصلحة الطالب والجامعة والوطن .
من أهم النقاط التي يجب معالجتها هي آلية تشكيل لجان القبول، إذ لا يمكن القبول بأن يتولى تقييم الطلبة في مجالات دقيقة كالموسيقى، المسرح، أو التصوير أشخاص أغلبهم قد لا يملكون الخبرة الكافية أو الخلفية التخصصية ، إذ ينبغي أن تضم هذه اللجان نخبة من المتخصصين وأصحاب الخبرة العملية والفنية في المجالات التي يتم تقييم الطلبة عليها، بما يضمن موضوعية التقييم وعدالته ويتيح للطالب الفرصة الحقيقية لإبراز موهبته أمام من يقدّرها علميًا وفنيًا. ومن المهم أيضًا إعادة النظر في الفنون المُدرجة ضمن معايير القبول ، كون أن الفنون التقليدية لم تعد وحدها كافية في ظل عالم يتغير بسرعة ويعتمد أكثر على الوسائط الحديثة ، فهناك فنون معاصرة لها حضور قوي وتأثير واسع مثل التصوير الفوتوغرافي، الإخراج السينمائي، التمثيل الدرامي، وتصميم الوسائط المتعددة، وهي مجالات تحتاجها الدولة في الإعلام، الثقافة، التعليم، وحتى في الصناعات الإبداعية. لذا من الضروري توسيع قائمة الفنون المعترف بها ضمن برامج التفوق الفني لتشمل هذه التخصصات الحديثة ، كما هو الحال في مجال الرياضة . ولتحقيق تقييم أدق وأكثر مهنية، يجب أن تتفرع لجان القبول العليا إلى لجان تخصصية حسب المجال الفني، فمثلًا، تشكل لجنة من المختصين في الموسيقى، وأخرى في المسرح، وثالثة في التصوير، وهكذا في التفوق الرياضي ؛ لأن هذا الأسلوب يمنح كل متقدم حقه في العرض والتقييم وفق معايير تخصصية، كما يُكسب عملية القبول مصداقية أعلى ويمنع التقييم العشوائي أو السطحي الذي قد يظلم الكثير من المواهب. من الممارسات التقليدية التي تحتاج إلى تغيير جذري هي الاعتماد على المقابلات فقط لتقييم المتقدمين. لا يمكن لمقابلة قصيرة أن تعكس موهبة حقيقية أو تقيّم أداءً فنيًا يستند إلى الحس والإبداع والتقنية، لذلك من الضروري اعتماد أدوات تقييم متعددة مثل: الاختبارات العملية، العروض الحية، ملفات الأعمال والمشاريع المصورة، بما يسمح بتقييم واقعي يعكس قدرات الطالب وإمكاناته الفعلية. في ضوء ما سبق، فإن تطوير آليات لجان القبول في التفوق الفني والرياضي لم يعد خيارًا، بل ضرورة حتمية لمواكبة تطلعات الجيل الجديد، والاستثمار في طاقاته بشكل منظم وعادل. فالفن والرياضة ليسا ترفًا، بل عنصران أساسيان في تشكيل وعي المجتمعات وبناء هوية ثقافية ووطنية متميزة، تستحق أن نُعِدّ لها لجانًا تعكس هذا المستوى من الأهمية والاحتراف.الهروط يكتب: إعادة النظر في آلية تشكيل لجان القبول في التفوق الفني والرياضي في الجامعات
د.صهيب علي الهروط
الهروط يكتب: إعادة النظر في آلية تشكيل لجان القبول في التفوق الفني والرياضي في الجامعات
مدار الساعة  ـ