منذ احتلال فلسطين، تأثر التعليم الفلسطيني تأثّرًا عميقًا بسياسات الاحتلال؛ من الرقابة على المناهج، وفرض القيود، إلى هدم المدارس والبناء غير المرخص والاحتكاك الأمني المستمر، مما أدى إلى تعطيل الدراسة بشكل متكرر. خلال الانتفاضات، وإغلاقات الأقصى، والإجراءات الأمنية، توقف التعليم في بعض المناطق وأُغلقت الجامعات والمدارس، لأن الاحتلال يعتبر التعليم قضية أمنية استراتيجية.
استُهدف الأسرى الفلسطينيون في السجون كذلك؛ حسب "قانون شاليط"، ممنوع عنهم حق التعليم، أو لقاء العائلات، أو قراءة الصحف، أو التواصل مع زملائهم، أو مشاهدة التلفاز، وأيضًا عزلهم الانفرادي لفترات طويلة. كما استهدف الاحتلال العلماء عبر الاغتيالات لمنعهم من بناء وعي شعبي ومطلب الحرية، مما يجعل التعليم سلاحًا للمقاومة وهوية وطنية.منذ الانتفاضة الأولى (1987)، تحوّل التعليم إلى ساحة صراع استراتيجي؛ إذ أدرك الاحتلال أن المدرسة ليست فقط لتلقين المعرفة، بل لتشكيل هوية وطنية، فاعتمد سياسات ممنهجة لتعطيل التعليم: إغلاق المدارس، فرض مناهج بديلة، واعتبار التعليم نفسه فعلًا غير قانوني، انطلاقًا من أن التعليم يُنتج رأس مال ثقافي يدعم الصمود.خلال السنوات الأخيرة، خاصة منذ تصعيد الحرب بعد 7 أكتوبر 2023، ازدادت الأضرار بشكل غير مسبوق:حتى يوليو 2024، تضرّرت أكثر من 400 مدرسة في غزة، و 28 حرمًا جامعيًا من 21 مؤسسة تعليمية عليا تعرضت لأضرار. من بين 564 مبنى مدرسيًّا في غزة، تعرض 403 لمبنى ضرر مباشر، تدمّرت 85 مدرسة بالكامل، و73 تضررت بأكثر من نصف بنيتها. عدد الطلاب الذين تأثروا مع المعلمين كبير جدًا؛ ففي غزة أكثر من 625,000 طالب و22,500 معلم هم في وضع شديد التأثر بعملية تعطيل التعليم. من حيث الخسائر البشرية: آلاف الشهداء والجرحى من الطلاب والمعلمين؛ وفق تقرير وزارة التربية، مثلاً، أكثر من 11,800 طالب استشهدوا في غزة والضفة الغربية، وآلاف الجرحى. آلاف المدارس مدمّرة أو متضرّرة جزئيًا، يُضاف إلى ذلك تعطيل التعليم العادي ليوميات كثيرة، فقد أُغلقت المدارس مرات عديدة وتوقفت الدراسة لمدة مئات الأيام. الأُسر التعليمية من المعلمين والمدرسين أيضًا تعرضت لخسائر كبيرة: شهداء، جرحى، ومعرّضون للتوقيف أو الاعتقال. رغم هذه التحديات، تبقى بعض المؤشرات الإيجابية: معدلات الأمية منخفضة نسبيًّا، ونسب الالتحاق، خصوصًا في المرحلة الابتدائية، كانت جيدة قبل الحروب، والكليات الجامعية لا تزال تخرّج أعدادًا رغم الصعوبات.لكنّ الثمن الذي تدفعه فلسطين باهظ: من أرواح، لبنى تحتية، لصدمات نفسية، ولثغرات تعليمية كبيرة قد تأثر على أجيال مقبلة.في الختام، التعليم في فلسطين ليس فقط اكتساب علم، بل مقاومة وصمود وحماية للهوية الوطنية. رغم محاولات الاحتلال لتعطيله، يظل التعليم عنوانًا للأمل، وضرورة لإعادة بناء المجتمع من جذوره.سالم يكتب: الاحتلال الإسرائيلي والتعليم الفلسطيني.. ساحة مقاومة ومعركة وعي
مدار الساعة  ـ