أخبار الأردن اقتصاديات دوليات وفيات برلمانيات أحزاب مجتمع وظائف للأردنيين أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مقالات مختارة شهادة الموقف مناسبات جاهات واعراس مستثمرون جامعات خليجيات مغاربيات دين بنوك وشركات اخبار خفيفة ثقافة رياضة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

ابو عبدون تكتب: الإعلام وصناعة الوعي


فاطمة ابو عبدون

ابو عبدون تكتب: الإعلام وصناعة الوعي

مدار الساعة ـ

الإرهاب هو استخدام العنف أو التهديد به لتحقيق أهداف سياسية أو دينية أو أيديولوجية غير مشروعة، يقوم على زرع الخوف وزعزعة الأمن والاستقرار. ومواجهته لا تعتمد على القوة العسكرية فقط، بل تحتاج إلى إستراتيجية شاملة تشمل الجوانب الفكرية والثقافية والاجتماعية، وهنا تبرز وسائل الإعلام كخط الدفاع الأول في صناعة الوعي المجتمعي وكشف مخاطر التطرف، خصوصًا في عصر تنتشر فيه الرسائل الإرهابية عبر الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي. فقد أصبحت الجماعات الإرهابية تعتمد على هذه المنصات كوسيلة أساسية للاستقطاب، حيث تبث محتويات بصرية جذابة ومقاطع فيديو توهم الشباب بالبطولة أو الدفاع عن قضايا عادلة، مستغلة شعور بعضهم بالتهميش أو الفراغ العاطفي وحاجتهم إلى الهوية والانتماء. كما تلجأ إلى غرف الدردشة والتطبيقات المشفّرة لاستدراج الأفراد والتأثير عليهم تدريجيًا حتى تصل إلى مرحلة التجنيد الفعلي.

وهنا يظهر دور الإعلام في كشف هذه الأساليب للرأي العام وتوضيح آليات غسل الأدمغة التي تمارسها الجماعات المتطرفة، مع إنتاج محتوى بديل قادر على جذب الشباب بنفس الأسلوب من حيث القوة البصرية والإبداع، ولكن برسائل إيجابية تعزز الانتماء الوطني، وتعمّق الهوية الثقافية الصحيحة، وتنشر الاعتدال الفكري والديني. كما أن وسائل الإعلام تعد أداة أساسية في التصدي للشائعات والأخبار المفبركة التي يعتمد عليها الإرهابيون لبث الرعب وزعزعة الثقة، فهي تنشر الحقائق الموثوقة وتفضح التضليل الإعلامي، وتبرز في الوقت ذاته إنجازات الأجهزة الأمنية وقصص تفكيك الخلايا الإرهابية بما يعزز ثقة المجتمع بمؤسساته ويحبط دعايات الإرهاب.

ولا يقل البعد الإنساني أهمية عن غيره، إذ يسهم الإعلام عبر تسليط الضوء على معاناة الضحايا والناجين في كشف الوجه المظلم للإرهاب وترسيخ روح التضامن داخل المجتمع، كما يشكّل على الصعيد الدولي قناة مهمة للتعاون وتبادل الخبرات بين الدول في مواجهة الحملات الإرهابية الرقمية التي تتجاوز الحدود الجغرافية. ولضمان فعالية المواجهة الإعلامية، لا بد من اعتماد آليات عملية متنوعة، مثل الحملات التوعوية الرقمية التي تنتج محتوى قصيرًا ومؤثرًا ينشر على المنصات الأكثر استخدامًا من قبل الشباب لتوضيح خطورة الانجراف وراء دعايات الإرهاب، والتعاون مع شركات التكنولوجيا الكبرى لرصد المحتوى الإرهابي وحذفه بسرعة ومنع إعادة نشره. ويُضاف إلى ذلك إعداد إعلاميين متخصصين قادرين على تغطية قضايا الإرهاب دون تهويل أو تضخيم، وإنتاج أعمال فنية وإعلامية بديلة كالأفلام القصيرة والبودكاست التي تحمل رسائل إيجابية تكشف أساليب الاستقطاب. كما أن فتح منصات للنقاش والحوار المعتدل يشكّل بديلًا حقيقيًا للشباب عن المساحات التي تستغلها الجماعات الإرهابية في الاستقطاب عبر الإنترنت

مدار الساعة ـ