يتميز العمل البلدي بطابعه الخَدَمي، إذ يقدّم فيه الرئيس والأعضاء مختلف الخدمات للمواطنين، مما ينعكس إيجابًا على واقعهم، ويُحسّن ظروف معيشتهم، ويرفع مستوى رفاهيتهم.
واليوم نعايش مرحلة عمل بلدي ناتجة عن مجلس منتخب، وأخرى عن مجلس بلدي مُعيَّن من قبل وزارة البلديات. فما الاختلاف بينهما؟ وأيهما أنسب للنهضة والتقدم وتحقيق خدمات مميزة للأفراد؟إن المجالس البلدية جزء مهم من تركيبة الدولة، ولها أثر عميق في تحقيق التنمية والنهوض بالدول، لما تؤديه من دور بارز في تمتين الجبهة الداخلية، وترسيخ قيم المواطنة والانتماء للهوية الوطنية والقومية والتراث. ومن هذا المنطلق رغبتُ في التطرق إلى هذا الموضوع، حيث بتنا نلاحظ – بوضوح الشمس التي لا تُغطّى بغربال – أن المجالس المعيّنة تقدّم خدمات ظاهرة وجلية، بخلاف المجالس المنتخبة التي يبرز فيها الطابع البيروقراطي، فنجد فيها تعطيلًا وتأخيرًا في التنفيذ تبعًا لحسابات متعددة، قد يكون بعضها انتخابيًا، إذ يحصر بعض الناجحين خدماتهم فيمن انتخبهم. كما نجد مصالح تجارية واستثمارية تستنزف وقت الدورة الانتخابية بمردود خدمي محدود.بينما لو نظرنا إلى مرحلة المجالس المختارة قبيل الانتخابات، لوجدنا أن الخدمات تتوزع على الجميع بلا حسابات، مع سرعة في التنفيذ، وحسن في التنسيق والتشاركية بالعمل مع المؤسسات الأخرى مثل سلطة المياه وشركة الكهرباء وغيرها.لقد دفعتني هذه المقارنة إلى التفكر والكتابة عنها، لأن هذه المقاربة قد تعود بالنفع الكبير على خزينة الدولة لو اتُّخذ قرار يتناسب مع معطياتها. فلماذا لا يتم إلغاء الانتخابات وتعيين الرؤساء والأعضاء من قبل وزارة البلديات، بحيث تحدَّد المدد حسب طبيعة المخرجات الخدمية؟ فهم يتقاضون رواتب لقاء ذلك، مما يدفعهم لبذل الجهد وعكس صورة سليمة عن أدائهم، مع إمكانية بقائهم لفترات أطول. كما يخلّصنا ذلك من الحسابات الانتخابية التي تعطل عجلة العمل قليلًا، وتنشر أفكارًا تعصبية لا تنسجم مع فكر المؤسسات المدنية.قد يظن البعض أن طرحي يهاجم الديمقراطية والانتخابات، لكن ذلك غير صحيح؛ فليس من الضروري أن نقلد دولًا أخرى في أنظمتها الانتخابية وشكل حياتها السياسية. إذ تختلف البيئات السياسية من دولة إلى أخرى بحسب توزيعها الديمغرافي، وطبيعتها الجغرافية، وهويتها وموروثاتها.وفي الختام، نسأل الله أن يأخذ بأيدينا إلى الخير، وبأيدي أمتنا نحو النهوض والتقدم والرفعة.الفاعوري يكتب: العمل البلدي بين مخرجات الانتخابات واللجان المختارة
مدار الساعة ـ