أخبار الأردن اقتصاديات دوليات برلمانيات وفيات أحزاب مجتمع وظائف للأردنيين مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية الموقف مناسبات جاهات واعراس مستثمرون شهادة جامعات دين بنوك وشركات خليجيات مغاربيات ثقافة رياضة اخبار خفيفة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

الوزير ابو صعيليك يقرأ المؤشرات الاقتصادية الاردنية مع نهاية الربع الثالث لعام 2025

مدار الساعة,أخبار اقتصادية,خير ابو صعيليك,صندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي,الضمان الاجتماعي,الميزان التجاري
مدار الساعة ـ
حجم الخط

مدار الساعة - كتب: الوزير السابق الدكتور خير ابو صعيليك -

مقدمة: ليس سرا ان اقتصاديات منطقة الشرق الأوسط برمتها قد تأثرت جراء استمرار الحرب الظالمة على غزة في عام 2025 وما نتج عنها من ارتدادات جيوسياسية في لبنان وإيران وحتى دول الخليج العربي، ما أثر سلبا على البيئة الاقتصادية بكافة مكوناتها (السياحة، النقل، الاستثمار ... الخ)، يضاف الى ذلك قرار حكومة الولايات المتحدة الامريكية في بداية الربع الثاني من العام الجاري بفرض رسوم جمركية على دول العالم التي تربطها علاقات تجارية مع واشنطن. كل هذه التداعيات القت بظلالها على المشهد الاقتصادي والاستثماري الامر الذي تسبب في خفض توقعات نمو الناتج الإجمالي الكلي.

مسارات التحديث: استمرت الحكومة بالسير قدما في مسارات التحديث وخاصة الاقتصادي والإداري معتبرة هذه المسارات عابرة للحكومات واجبة التطبيق لمواجهة التحديات الكبيرة التي يمر بها الإقليم، وعلى الرغم من تفاوت نسب الإنجاز في المسارين، الا ان القرارات الاقتصادية التي اتخذتها الحكومة في عام 2025 كان لها أثر إيجابي في تحسين ثقة المواطن والمستثمر على حد سواء. كما ان منهجية التقييم للبرنامج التنفيذي الأول وبدء تصميم البرنامج التنفيذي الثاني بالشراكة مع الأطراف ذوات الصلة ساهم في تعزيز هذه الثقة.

القطاع المالي: من الواضح ان السياسة النقدية مستقرة ولديها قدرة على مواجهة الصدمات فقد ارتفعت إجمالي الاحتياطيات الأجنبية للبنك المركزي (بما فيها الذهب وحقوق السحب الخاصة) لتسجل مبلغ 22.758 مليار دولار حتى نهاية شهر اب الماضي لتغطي مدة 8.7 شهرا من مستوردات المملكة من السلع والخدمات متجاوزا المعيار الدولي بثلاث مرات، وهي الأعلى منذ عام 2020. كما ارتفع اجمالي الودائع لدى البنوك الأردنية لتبلغ 48.347 مليار دينار حتى نهاية شهر اب الماضي في دلالة على ثقة المودعين بالنظام المصرفي الأردني ويقابل هذه الودائع تسهيلات ائتمانية ممنوحة بمقدار 35.56 مليار دينار للفترة ذاتها مما يعني ان هناك مجال إضافي لدى البنوك لتمويل المشاريع الاستثمارية.

المالية العامة: لا يزال رصيد الدين العام يشكل تحديا كبيرا للمالية العامة حيث ارتفع رصيد الدين العام مع نهاية شهر حزيران الماضي الى 46.13 مليار دينار متضمنا ما يحمله صندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي وبنسبة تزيد عن 118% من الناتج الاجمال المحلي مرتفعا بمقدار 1.85 مليار دينار عن رصيد نهاية العام الماضي 2024.

اما الانفاق الرأس مالي فقد ارتفع بشكل ملحوظ مقارنة مع نفس الفترة من العام السابق فقد بلغ 516.5 مليون دينار حتى شهر حزيزان ويعود السبب في ذلك الى إقرار قانون الموازنة العامة بشكل مبكر من قبل البرلمان قياسا مع السنوات السابقة، فيما لم تتجاوز إيرادات المنح 22 مليون دينار فغالبا ما تصل إيرادات المنح في الأشهر الأخيرة من العام، ليبلغ العجز بعد المنح حتى شهر حزيران ما مقداره 1.078 مليار دينار.

المؤشرات الاقتصادية: حقق الناتج الإجمالي المحلي بأسعار الأساس الثابتة نموا مقداره 2.8% خلال الربع الثاني من العام الحالي متجاوزا عام 2024 بما مقداره 3.7% ومتجاوزا نفس الفترة بمقدار 17% وكانت القطاعات الأكثر نموا هي الزراعة يليها قطاع الصناعات التحويلية ثم قطاع الكهرباء والمياه وهو مؤشر على شمولية القطاعات التي قادت النمو وقدرة الاقتصاد على مواجهة الظروف الصعبة.

ويبقى ملف التشغيل والبطالة من أبرز التحديات الاقتصادية والاجتماعية، فرغم تسجيل الاقتصاد نمواً مقداره 2.8% في الربع الثاني من العام الحالي، إلا أن انعكاس هذا النمو على سوق العمل ما يزال محدوداً. فقد بلغ معدل البطالة 21.3%، بتراجع طفيف عن العام الماضي، فيما استمرت الفجوة بين الذكور والإناث واضحة، وسجلت محافظة معان النسبة الأعلى عند 33.9%. ويشير ذلك إلى أن التحدي لا يرتبط فقط بمعدل النمو، بل بقدرة القطاعات الاقتصادية على توليد فرص عمل نوعية للشباب والنساء، وهو ما يتطلب سياسات تشغيل أكثر استهدافاً وربطاً بين مخرجات التعليم واحتياجات السوق.

اما التضخم فما زال ضمن الحدود الامنة والمستقرة، ورغم ارتفاع هذه النسبة بشكل بسيط مقارنة مع العام 2024 والتي وصلت ما نسبته 1.86% حتى نهاية شهر اب، الا انها لا تزال صحية ومقبولة.

ميزان المدفوعات: بلغت نسبة تغطية الصادرات الكلية للمستوردات 51 % خلال السبعة شهور الأولى من العام الحالي، مقارنة مع 50 بالمئة للفترة ذاتها من 2024، بارتفاع مقداره نقطة مئوية واحدة وهي أعلى مستوى تغطية يسجله الاقتصاد الأردني، ما يشير الى تحسن في العوامل الداخلية المرتبطة بالبيئة الاستثمارية وقدرة الاقتصاد الأردني على تحسين قيمة الصادرات مدعوما بنسب تضخم منخفضة نسبيا مقارنة مع الأسواق المنافسة، ورغم أن نسبة الزيادة طفيفة إلا أن هذا المؤشر يعتبر إيجابيا لأنه يمثل تحسنا في مستوى تغطية التجارة الخارجية الأردنية، ودليل على تحسن نسبي في الميزان التجاري، سواء نتيجة لزيادة الطلب على المنتجات الأردنية في الأسواق الخارجية، أو لتباطؤ نسبي في نمو المستوردات، ما يعزز منعة الاقتصاد الوطني.

اما تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر خلال النصف الأول من العام الجاري فقد بلغت 1.05 مليار دولار وبنمو مقداره 36.4% مقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي، وبتقديري فان القرارات التحفيزية التي اتخذتها الحكومة كان لها أثر واضح في هذا النمو.

ويشار الى ان الدخل السياحي بلغ 5.3 مليار دينار حتى نهاية شهر اب بنسبة نمو مقدارها 7.5% وهو رقم مقبول قياسا الى الظروف الجيوسياسية المعقدة التي تمر بها المنطقة، مع تفاوت في توزيع هذا الدخل الذي لم ينعكس إيجابا على المدينة الوردية – البتراء. هذا وقد بلغت حوالات المغتربين ما مقداره 1.479 مليار دينار حتى نهاية تموز.

الخلاصة: تظهر المؤشرات مع نهاية الربع الثالث من عام 2025 أن الاقتصاد الأردني يمتلك عناصر صمود واضحة، إذ سجل نموا في الناتج المحلي وارتفاعا في الاحتياطيات الأجنبية وتدفقا متزايدا للاستثمار الأجنبي المباشر، إلى جانب تحسن في الصادرات والدخل السياحي. ورغم بقاء تحديات الدين العام والبطالة وضبط الإنفاق قائمة، إلا أن هذه التحديات يمكن التعامل معها ضمن مسار التحديث الاقتصادي والبرامج التنفيذية المقبلة، بما يعزز البيئة الاستثمارية. وبذلك يواصل الاقتصاد الوطني تأكيد قدرته على التكيف والمضي بخطى ثابتة في بيئة إقليمية ودولية تتسم بعدم اليقين. ومن المهم البناء على هذه النتائج وبث الروح الإيجابية والتفاؤل بالمستقبل من خلال الانتقال نحو افاق أرحب لزيادة نسب النمو الاقتصادي بحيث نغادر مربع 2% والانتقال الى مربع 3% على ان يرتبط هذا النمو بخلق فرص عمل جديدة.


مدار الساعة ـ