أخبار الأردن اقتصاديات دوليات وفيات برلمانيات أحزاب مجتمع وظائف للأردنيين أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مقالات مختارة شهادة الموقف مناسبات جاهات واعراس مستثمرون جامعات خليجيات مغاربيات دين بنوك وشركات اخبار خفيفة ثقافة رياضة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

البستنجي يكتب: التعليم بين الإنسان والتقنية.. من الثقة إلى التعلم العميق


إياد يوسف البستنجي

البستنجي يكتب: التعليم بين الإنسان والتقنية.. من الثقة إلى التعلم العميق

مدار الساعة ـ

سلسلة مقالات بداية العام الدراسي الجديد :

✨ المرحلة الثانية: من بناء الجسور الإنسانية إلى التفعيل التقني الذكي

? التعليم لا يبدأ بكتاب أو جهاز، بل بإنسان يلتقي بإنسان. فالمعلم الذي ينجح أولًا في غرس الثقة والاحترام في طلابه، يؤسس لبيئة صفية آمنة تُشجّع على السؤال والمشاركة والمحاولة. هذه الجذور الإنسانية هي الأساس الذي يقوم عليه كل تعلم حقيقي.

لكن حين تترسخ الثقة ويشعر الطالب بالأمان، تأتي التقنية لتزهر كأداة ذكية تعزز عملية التعليم وتفتح آفاقًا جديدة للإبداع. عندها يصبح الصف فضاءً متكاملًا يجمع بين الدفء الإنساني والفاعلية الرقمية.

⿡ الأساس الإنساني – بيئة صفية آمنة

الإصغاء الفعّال: أن يشعر الطالب أن صوته مسموع وله قيمة.

الثقة والقدوة: حين يرى الطالب معلمه نموذجًا يُحتذى، يبادله الاحترام.

القواعد المشتركة: صياغتها مع الطلاب تولّد الانضباط الذاتي.

الأمان النفسي: الخطأ يُحتفى به كفرصة للتعلم، فيزدهر الإبداع.

▫الصف الذي يُنصت فيه المعلم بصدق، يصبح تربة خصبة لنمو الشجاعة والتفكير النقدي.

⿢ من التواصل الإنساني إلى التقنية التربوية

الاستهلاك: تصفح أو لعب بلا هدف.

الإنتاج: تحويل الطالب إلى صانع معرفة (بودكاست، فيديو قصير، عرض رقمي).

? مثال محلي: في إحدى مدارس العقبة، كلِّف طلاب التربية الإسلامية بإنتاج تسجيل صوتي يشرح قيمة "الأمانة". فتحوّل الدرس من نصّ مقروء إلى تجربة إنتاجية عززت الفهم وغرست المعنى.

أدوات تُحدث فرقًا:

المحاكاة الرقمية (مختبرات افتراضية).

الواقع المعزز/الافتراضي (AR/VR).

منصات التعلّم التكيفي (Adaptive Learning).

? حل عملي: عند غياب الأجهزة الحديثة، يمكن استثمار الهواتف المتاحة أو الاعتماد على منصات مجانية مثل Kahoot وGoogle Forms.

⿣ نماذج واستراتيجيات الدمج الذكي

نموذج SAMR: يوضح كيف يمكن للتقنية أن تتدرج من مجرد أداة بديلة إلى عنصر يعيد صياغة التعليم:

1. الاستبدال (Substitution): التقنية تحل محل أداة تقليدية (مثل تحويل كتاب مطبوع إلى ملف PDF).

2. التحسين (Augmentation): التقنية تقدم ميزة إضافية (مثل اختبار على Google Forms مع تغذية راجعة فورية).

3. التعديل (Modification): إعادة تصميم النشاط بفضل التقنية (مثل مشروع تعاوني على منصة Padlet).

4. إعادة التعريف (Redefinition): ابتكار أنشطة لم يكن ممكنًا تنفيذها بدون التقنية (مثل رحلة افتراضية عبر الواقع المعزز إلى القدس للتعرف على معالمها).

إطار TPACK: يدمج بين ثلاثة أنواع من المعرفة يجب أن يمتلكها المعلم ليحقق دمجًا فعّالًا للتقنية:

1. معرفة المحتوى (Content Knowledge): إتقان المادة التعليمية (رياضيات، تربية إسلامية، لغة عربية…).

2. المعرفة التربوية (Pedagogical Knowledge): فهم استراتيجيات وأساليب التدريس الحديثة.

3. المعرفة التقنية (Technological Knowledge): إتقان الأدوات والمنصات الرقمية.

▫عندما تتقاطع هذه الدوائر الثلاث، يكون المعلم قادرًا على اختيار التقنية المناسبة للمحتوى المناسب، بأسلوب تدريسي فعّال.

? مثال من الكرك: معلمة حوّلت ورقة عمل ورقية إلى اختبار تفاعلي عبر Google Forms مع تغذية راجعة فورية، فانتقلت من "التحسين" في نموذج SAMR، ودمجت بين المحتوى (النحو)، البيداغوجيا (اختبار تشخيصي)، والتقنية (Google Forms) وفق إطار TPACK.

معايير اختيار الأداة الرقمية:

1. وضوح الهدف التربوي.

2. ملاءمة مستوى الطلاب.

3. تعزيز التفاعل والمشاركة.

4. إمكانية التقييم والقياس.

5. سهولة الاستخدام.

? تحدٍ شائع: انشغال الطلاب بالتصفح أو اللعب.

? الحل: أنشطة قصيرة موجّهة، مع إشراك الطلاب في إنتاج المحتوى بدلًا من استهلاكه.

⿤ استراتيجيات صفية عملية

مشاريع قصيرة (بودكاست، فيديو، عرض رقمي).

استطلاعات فورية عبر Mentimeter أو Kahoot.

فيديوهات تفاعلية لمحاكاة المفاهيم المعقدة.

مشاركة الطلاب في إنتاج محتوى يشرح قيمة أو مهارة.

? مثال من معان: طلاب الصف التاسع صمّموا فيديو قصيرًا يوضح خطوات الوضوء باستخدام هواتفهم، ثم ناقشوا دقته مع زملائهم. نشاط بسيط لكنه ترك أثرًا عميقًا في الفهم والممارسة.

⿥ لمحة مستقبلية

جيل جديد من التقنية – كالذكاء الاصطناعي والتحليلات التعليمية – سيمنح المعلم فرصًا لتخصيص التعلم وقياسه بدقة. لكن مهما بلغت التقنية من تطور، ستبقى بحاجة إلى معلم يوجّهها بروح إنسانية وقيم تربوية، ليظل جوهر التعليم ثابتًا: بناء إنسان متوازن، واعٍ، ومسؤول.

? التواصل الإنساني يبني الجذور، والتقنية تنبت الفروع. فلا قيمة لتقنية بلا إنسانية، ولا فاعلية لتواصل بلا أدوات حديثة. والمعلم الذكي هو من يمزج بين الاثنين:

? بيئة آمنة + تقنية منتجة = تعلم عميق وأثر باقٍ.

✨ القاعدة الذهبية:

ليست العبرة بعدد التطبيقات التي تستخدمها، بل بما تتركه في طلابك من أمان إنساني وأثر تربوي مستمر.

مدار الساعة ـ