أخبار الأردن اقتصاديات دوليات وفيات برلمانيات أحزاب مجتمع وظائف للأردنيين أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مقالات مختارة شهادة الموقف مناسبات جاهات واعراس مستثمرون جامعات خليجيات مغاربيات دين بنوك وشركات اخبار خفيفة ثقافة رياضة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

ابو نوار يكتب: شنّة قليلة


حمزة ابو نوار

ابو نوار يكتب: شنّة قليلة

مدار الساعة ـ

تُشبه الأحزاب السياسية في الأردن اليوم “شنّة قليلة”، يتنازع عليها كثيرون، بينما لا تكفي أساسًا لتلبية الطموحات أو حتى سدّ الاحتياجات. فمن المفترض أن تكون الأحزاب مظلة وطنية، تطرح برامج واقعية وتستقطب الشباب، لكنها غالبًا ما تنشغل بخلافات داخلية لا تخدم إلا من يبحث عن منصب أو وجاهة سياسية.

المشهد الحزبي الأردني مليء بالأمثلة. فبدل أن تتجه الأحزاب إلى توحيد صفوفها لمواجهة تحديات مثل البطالة، وضعف المشاركة السياسية، والإصلاح الاقتصادي، نجد أن جزءًا كبيرًا منها ينشغل بصراعات الزعامة الداخلية. بعض الأحزاب تفككت إلى تيارات متنافسة، وأخرى لم تستطع استقطاب سوى أعداد محدودة من المنتسبين، بينما ينصرف الشباب عنها لأنهم يرونها صورة طبق الأصل من المناكفات البرلمانية التي لا تقدم حلولًا ملموسة.

لقد شهدنا خلال السنوات الماضية خلافات على تشكيل القوائم الانتخابية، حيث طغى منطق “المقاعد” على منطق البرامج، وأصبح الهدف الأول هو من يتصدر القائمة أو من يضمن له مقعدًا برلمانيًا. حتى أن بعض الأحزاب التي أعلنت اندماجها لتقوية حضورها، عادت لتتصارع داخليًا على المناصب القيادية، مما جعل الاندماج مجرد “صورة إعلامية” سرعان ما انكشفت هشاشتها.

هذا الواقع جعل المواطنين – وخاصة الشباب – يفقدون الثقة بالأحزاب. فهم يلاحظون أن الخطاب الحزبي لا يختلف كثيرًا عن الشعارات التقليدية، وأن كل فرصة لبناء كتلة سياسية قوية تضيع في زحمة الخلافات. فالأحزاب، بدل أن تفتح أبوابها للنقاش والابتكار، أغلقتها على دوائر ضيقة من الأعضاء القدامى، الذين يعتبرون الحزب ملكية شخصية وليست مشروعًا وطنيًا.

إن “الشنّة القليلة” ليست في الموارد فقط، بل في الفكر والرؤية والقدرة على التخطيط. وإذا لم تُدرك الأحزاب أن قوتها الحقيقية تكمن في توسيع القاعدة الشعبية، وتمكين الشباب، وتجاوز عقلية “الكعكة الصغيرة”، فإنها ستبقى أسيرة التشرذم، وسيبقى تأثيرها على الحياة السياسية في الأردن محدودًا وشكليًا.

مدار الساعة ـ