أخبار الأردن اقتصاديات دوليات برلمانيات وفيات أحزاب مجتمع وظائف للأردنيين مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية الموقف مناسبات جاهات واعراس مستثمرون شهادة جامعات دين بنوك وشركات خليجيات مغاربيات ثقافة رياضة اخبار خفيفة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

البستنجي يكتب: التعلم العاطفي الاجتماعي (SEL).. التربية بالقلب والعقل معًا


إياد يوسف البستنجي

البستنجي يكتب: التعلم العاطفي الاجتماعي (SEL).. التربية بالقلب والعقل معًا

مدار الساعة ـ

✨ سلسلة مقالات بداية العام الدراسي الجديد.

المرحلة الثانية: بناء جسور التواصل الإنساني أساس البيئة الصفية الآمنة.

المقال الثالث:

حين يدخل الطالب إلى الصف، فهو لا يضع كتبه فقط على الطاولة، بل يحمل معه مشاعره وتجارب حياته اليومية. قد يأتي بقلقٍ من امتحان، أو فرحٍ بنجاح، أو همٍّ شخصي صغير، وكل ذلك ينعكس على مشاركته في الدرس. لهذا، لا يكتمل التعليم بالحفظ والفهم وحدهما، بل يحتاج إلى بيئة آمنة تحتضن الطالب إنسانًا قبل أن تراه متعلمًا.

وهنا يبرز التعلّم العاطفي الاجتماعي (Social-Emotional Learning – SEL) كإطارٍ تربوي عالمي، وامتدادٍ أصيل لقيمنا الإسلامية والعربية التي دعت إلى الرحمة، والتعاون، والإحسان. إنه ليس إضافة جانبية للتعليم، بل لبنته الإنسانية التي تجعل الطالب أكثر قدرة على الإنصات، والمشاركة، والتقدّم الأكاديمي.

⿡ مكوّنات التعلّم العاطفي–الاجتماعي (SEL)

? الوعي بالذات (Self-Awareness):

فهم نقاط القوة والضعف والتصالح مع المشاعر.

? مثال محلي: في إحدى مدارس الكرك، طلب المعلم من طلابه كتابة يوميات قصيرة عن شعورهم في الأسبوع الأول من العام الدراسي، فكان ذلك مدخلًا صادقًا لفهم أنفسهم.

? إدارة الانفعالات (Self-Management):

ضبط النفس والتعامل مع الضغوط والمواقف الصعبة.

? حل عملي: تدريب بسيط على التنفس العميق قبل الامتحان لتخفيف التوتر وإعادة التركيز.

? الوعي الاجتماعي (Social Awareness):

إدراك مشاعر الآخرين واحترام اختلافاتهم.

? مثال قيمي: استحضار حديث النبي ﷺ: «مثل المؤمنين في توادّهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد…».

? مهارات العلاقات (Relationship Skills):

التواصل، التعاون، وحل النزاعات.

? مثال واقعي: في صف مكتظ بالزرقاء، تعاون الطلاب ضمن مجموعات صغيرة لمعالجة مشكلة بيئية في حيّهم، فتعلموا الإصغاء والتفاوض والعمل بروح الفريق.

? اتخاذ القرارات المسؤولة (Responsible Decision-Making):

الموازنة بين المنطق والقيم قبل السلوك.

? نشاط مقترح: مناقشة مواقف حياتية قصيرة مثل: ماذا تفعل إذا وجدت محفظة في الطريق؟

⿢ كيف ندمج SEL في الصف؟

? قصص وقيم: من السيرة النبوية أو التراث العربي التي تبرز المواقف الإنسانية الراقية.

? نشاطات تعاونية: مجموعات صغيرة لحل مشكلات حقيقية من واقع المدرسة أو الحيّ.

? لحظات تأمل: دقيقة صمت أو كتابة يومية عن المشاعر لتفريغ الشحنات النفسية.

? تمثيل أدوار: محاكاة مواقف اجتماعية للتدريب على التعاطف وحل النزاع.

? تحدٍ شائع: ضيق الوقت وكثافة المناهج.

✅ الحل: دمج أنشطة SEL في الدروس نفسها، مثل تحليل مشاعر بطل قصة أدبية بدلًا من إضافة وقت منفصل.

⿣ أثر SEL على الطلاب

بيئة صفية أكثر أمانًا وانضباطًا داخليًا.

تحسّن ملموس في التحصيل الأكاديمي (تشير تقارير CASEL – 2023 إلى ارتفاع بنسبة 11% لدى من تلقوا برامج SEL).

تعزيز الدافعية الداخلية والمشاركة الفعالة في التعلم.

تنمية مهارات القرن 21: التفكير النقدي، التعاون، الإبداع، وحل المشكلات.

ترسيخ القيم الإسلامية والعربية الأصيلة في سلوك عملي يومي.

⿤ دور المعلم في التعلّم العاطفي–الاجتماعي

? قدوة عملية: بسلوكه وتعاطفه قبل كلماته.

? مراقب حقيقي: يلتقط الإشارات العاطفية ويستجيب لها بتوازن.

? ميسّر للنقاش: يمنح الطلاب مساحة للتعبير الحر ضمن ضوابط الاحترام.

? باني انتماء: يخلق بيئة يشعر فيها الجميع أنهم أسرة واحدة داخل الصف.

? تحدٍ شائع: خشية بعض المعلمين من انفلات الحوار عند طرح قضايا عاطفية.

✅ الحل: وضع قواعد صفية واضحة للحوار منذ البداية، قائمة على الاحترام والمسؤولية.

خاتمة تحليلية وجسر تربوي للمقال القادم

إن بناء بيئة صفية تراعي أبعاد التعلّم العاطفي والاجتماعي لا يعني إضعاف الانضباط أو تخفيف الصرامة، بل إعادة تعريف الانضباط ليصبح نابعًا من الداخل لا مفروضًا من الخارج.

فحين يتعلّم الطالب فهم ذاته، وضبط مشاعره، واحترام غيره، يصبح الانضباط سلوكًا ذاتيًا لا استجابة قسرية، ويغدو الهدوء في الصف ثمرة وعيٍ داخلي لا نتيجة رقابة خارجية.

وهنا تبدأ الخطوة التالية في بناء الصف الآمن: الانتقال من إدارة السلوك إلى تنمية المسؤولية الذاتية، ومن الانضباط المفروض إلى الانضباط الواعي الذي يُعبّر عن نضج الطالب الإنساني والتربوي.

? القاعدة الذهبية:

التعلّم بالعقل وحده معرفة، والتعلّم بالقلب والعقل معًا إنسانية كاملة.

مدار الساعة ـ