لا يستمد حديت الاستاذ الدكتور محمد ذنيبات لبود كاست ملهم الذي تعده وتشرف عليه وحدة الاعلام والعلاقات العامة بالجامعة الاردنية، قيمته من كون الرجل تولى اعلى المناصب فحسب، وآخرها رئيس مجلس إدارة شركة مناجم الفوسفات الاردنية، كما هو الآن، بل ان القيمة الحقيقية والاهم، هي الرؤية الحضارية التي يتمتع بها الدكتور ذنيبات والتي تحلت بعفوية وتلقائية في حواره مع بودكاست ملهم على شكل خلاصات يمكن تسميتها بخلاصات سيرة ومسيرة الدكتور محمد ذنيبات؛ ذلك ان الرؤية الحضارية تجعل صاحبها لا يتوقف عند ظاهر الأحداث، بل يسعى لمعرفة ما وراءها ليستنبط الحكمة منها.
أولى هذه الخلاصات التي يقدمها الدكتور ذنيبات هي: أن لكل مجتمع قيمه وسلوكياته، فمن اهم قيم المجتمع الفقير انه مجتمع متكافل متعاضد يعطي فيه من يملك لمن لا يملك على قلة ما يملك المعطي، لكنه يؤثر جاره وابن حيّه أو قريته على نفسه، لذلك تكون الألفة والتعاون اهم صفات هذا المجتمع، بالإضافة الى انه مجتمع عطاء، وقبل ذلك كله فانه مجتمع جاد، وهي الصفات التي كان يتصف بها المجتمع الاردني في خمسينات وستينات القرن الماضي، وما قبلها كما تحدث عنه الدكتور ذنيبات فهي العقود التي تربى خلالها مع امثاله من بناة الدولة الاردنية المعاصرة.واستكمالا لهذه الخلاصة يؤكد ذنيبات انه مثلما ان تربية (الدلع) للأبناء تفسدهم، فان الترف آفة المجتمعات، وهي الآفة التي تؤدي الى انهيار الحضارات، وخير شاهد على هذه الحقيقة، تجربة العرب، المسلمين في الاندلس.وإذا كان الترف آفة المجتمعات وهادمها، فان التعليم، الذي يحمل مسؤولية القيام به معلمون يؤمنون بدورهم الرسالي، هو عماد بناء المجتمع ودولته القوية، اللذين يحميان المعلم ويحترمانه ويقدمانه على من سواه، لان المعلم هو الذي يربي من سواه ويعده مهندسا او طبيبا او مشرعا.... الخ..، لذلك فان أسهل الطرق لهدم الدول والمجتمعات هو تخريب التعليم فيهما بذريعة تخفيف العپء عن الطالب اوتطوير المناهج.ونظراً لاهمية دور التعليم في بناء الدولة والمجتمع، فلا يجوز التراخي في قضايا التعليم، ولا يجوز البحث عن الشعبويات من خلال المساومة على مستوى التعليم، ولا يجوز إخضاع التعليم للحسابات التجارية، وهذه حقيقة آمن بها الدكتور محمد ذنيبات وطبقها فكان من اكثر وزراء التربية والتعليم في تاريخ الاردن حزماً وأثراً في حماية مستوى التعليم في بلدنا.اما الاثر الاكبر للتعليم وخاصة الجامعي منه فهو ان يغادر مربع النظرية الى واقع التطبيق العملي، من خلال اجراء البحوث العلمية لاساتذة الجامعات وطلابهم، وفق حاجات المجتمع، الذي يجب ان تقوم مؤسساته الاقتصادية بتمويل الأبحاث الجامعية للاستفادة من نتائجها، وهي حقيقة آمن بها ومارسها الدكتور محمد ذنيبات على نفسه اولا عندما وظف معارفه في مجال اختصاصه كاستاذ ادارة لخدمة مجتمعه ودولته وضع اول تنظيم اداري ووصف وظيفي للجامعة الاردنية، والذي استفادت منه الكثير من الجامعات الاردنية فيما بعد، كما استفادت منه الدولة ممثلة بديوان الموظفين، كما وظف معارفه في تأسيس ديوان الرقابة والتفتيش الإداري، وتأسيس وزارة التنمية الادارية.ومن منطلق إيمانه بضرورة ربط البحوث العلمية الجامعية بحاجات المجتمع، وكذلك بواجب المؤسسات الاقتصادية في دعم البحوث العلمية الجامعية، فقد أعلن بصفته رئيسا لمجلس ادارة شركة مناجم الفوسفات الاردنية عن استعداد الشركة لتمويل اي بحث علمي لاساتذة الجامعات في مجال التعدين وصناعاته، كما أعلن عن فتح ابواب الشركة لمن يريد امضاء سنة التفرغ العلمي باحثا في الشركة.كثيرة هي الخلاصات التي تضمنها حوار الدكتور محمد ذنيبات مع بودكاست ملهم، وان فاتني شيء منها فهو بالتأكيد ليس المؤسسية التي يؤمن بها ويمارسها الدكتور ذنيبات في كل مؤسسة حمل أمانة المسؤوليه فيها، ولعل هذه من اهم اسباب نجاحه وتميزه، وتحوله الى (ملهم).