أخبار الأردن اقتصاديات دوليات وفيات برلمانيات أحزاب مجتمع وظائف للأردنيين أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مقالات مختارة شهادة الموقف مناسبات جاهات واعراس مستثمرون جامعات خليجيات مغاربيات دين بنوك وشركات اخبار خفيفة ثقافة رياضة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

ابو زيد يكتب: اختبار النوايا... يضع الإدارة الأمريكية في مواجهة الحقيقة


العميد المتقاعد حسن فهد أبو زيد

ابو زيد يكتب: اختبار النوايا... يضع الإدارة الأمريكية في مواجهة الحقيقة

مدار الساعة ـ

تمر المنطقة بأكملها، في ظل هذه الظروف الحساسة، بمرحلة اختبار حقيقي لصدق النوايا. فهل تدرك إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أهمية هذه المرحلة ودقتها، خاصة بعد إعلان حركة المقاومة حماس موافقتها على خطتها؟

لقد وضعت هذه الموافقة الإدارة الأمريكية أمام امتحان جدي لا مجال فيه للمناورة أو التلاعب بالشعارات. فالعالم اليوم يراقب عن كثب ليرى ما إذا كانت واشنطن صادقة فعلًا في دعوتها لإنهاء الحرب على غزة، أم أن ما يُسمّى بـ"خطة ترامب" ليس سوى غطاء سياسي جديد لحماية إسرائيل وتمديد عمر الاحتلال.

إن ازدواجية المواقف الأمريكية، التي انتقدها العالم أجمع، باتت واضحة للعيان؛ فهي تتحدث عن “السلام” فيما تواصل دعم آلة الحرب الإسرائيلية بالمال والسلاح، وتتحدث عن “الإنسانية” بينما تغضّ الطرف عن المجازر التي تُرتكب بحق المدنيين الأبرياء. وحتى بعد مبادرة ترامب، ما زلنا نسمع بين الحين والآخر أساليب جديدة من التهديد والوعيد، ومع ذلك استطاعت حركة المقاومة سحب البساط من تحت الإدارة الأمريكية بدبلوماسية عالية، لتصبح الكرة الآن في المرمى الأمريكي.

إن إدارة ترامب اليوم مطالبة بأن تُثبت للعالم أنها لا تستهين بدماء الفلسطينيين، ولا تتعامل مع الصراع كصفقة تجارية أو ورقة انتخابية. فالاختبار الحقيقي لا يكون في التصريحات أو البيانات، بل في الأفعال على الأرض، وفي مدى استعدادها للوقوف على مسافة واحدة من الحق والعدالة، لا من القوة والغطرسة.

وفي حال فشلت إدارة ترامب في هذا الاختبار، فإن المسؤولية لن تبقى أمريكية فقط، بل ستتحول إلى اختبار لمصداقية الموقف العربي والدولي أيضًا. فالصمت أو الانتظار لم يعد مقبولًا أمام استمرار المجازر وتجاهل العدالة. والمطلوب اليوم موقف عربي موحد وواضح، يُعيد الاعتبار للقضية الفلسطينية باعتبارها جوهر الصراع في المنطقة، ويضغط سياسيًا ودبلوماسيًا على واشنطن لوقف انحيازها السافر.

كما أن على المجتمع الدولي أن يثبت أن مبادئ حقوق الإنسان لا تُطبّق بانتقائية ولا تُقاس بمعايير القوة والمصالح. فإما أن يتحرك العالم لإنهاء هذه الحرب الظالمة وإقامة سلام عادل، أو أن يعترف صراحة بأن القانون الدولي لم يعد سوى أداة في يد الأقوياء.

وما حدث لأسطول الصمود الدولي، الذي يضم ممثلين عن نحو خمسين دولة من مختلف أنحاء العالم، يُعدّ جريمة تُندى لها الجبين. فأين المجتمع الدولي من هذا الانتهاك؟ وأين هي النوايا الحقيقية، خاصة بعد طرح المبادرة الأمريكية للسلام؟ ما ذنب أولئك الذين جابوا البحار في مهمة إنسانية بحتة لتقديم المساعدات الإغاثية، حتى يُسجنوا وتُصادر سفنهم في المياه الإقليمية الدولية؟

أين العالم من هذه الجريمة؟ وأين موقف الدول التي ينتمي إليها المشاركون في هذا الأسطول الإنساني؟ وما هو الدور الأمريكي الحقيقي مما جرى، في الوقت الذي تُعلن فيه واشنطن استعدادها لتنفيذ مبادرتها لإنهاء الحرب؟

أما الموقف العربي، فهو اليوم أمام اختبار لا يقل أهمية: فهل سيبقى متفرجًا في حال لم تصدق النوايا الأمريكية أو الإسرائيلية تجاه ما يجري؟ أعتقد أن هناك ضرورة لبلورة موقف عالمي موحّد، وموقف عربي وإسلامي واضح، في مواجهة أي محاولة للالتفاف أو تغيير النوايا، إن حدثت أو وقعت، لأن الصمت في مثل هذه اللحظات لا يقلّ خطورة عن الفعل ذاته.

مدار الساعة ـ