أخبار الأردن اقتصاديات دوليات وفيات برلمانيات أحزاب مجتمع وظائف للأردنيين أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مقالات مختارة مستثمرون شهادة الموقف مناسبات جاهات واعراس جامعات بنوك وشركات خليجيات مغاربيات دين اخبار خفيفة ثقافة رياضة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

لماذا تزداد نسبة الطلاق في الأردن؟


علاء القرالة

لماذا تزداد نسبة الطلاق في الأردن؟

مدار الساعة (الرأي الأردنية) ـ

في كل مرة ترتفع فيها أرقام الطلاق بالمملكة، يسارع البعض الى تعليقها على شماعة الظروف الاقتصادية، ويختصرون للأسف المشهد بجملة جاهزة وتكمن بأن "الظروف المعيشية الصعبة دفعت الأزواج للانفصال"، وكأن الراتب أصبح هو الذي يقرر مصير البيوت، وليست العلاقة التي تجمع من يعيشون تحت سقوفها، فهل يعقل هذا؟ وهل هذا هو السبب؟.

الحقيقة أبعد من ذلك بكثير، فالأرقام والمؤشرات تقول إن "الاقتصاد الوطني" لا يعيش أزمة خانقة وينمو يوما وراء يوم، كما أن معدلات البطالة تنخفض تدريجيا، والتضخم تحت السيطرة ومن الأقل بالعالم، وكما أن الدخل العام مستقر ضمن المعدلات الطبيعية ولم يتغير عليه شيء، ومع ذلك، نجد أن حالات الطلاق ترتفع، فهل يعقل أن يكون الفقر وراءها؟ أم أن هناك خللا آخر، بات يسيطر على فهمنا للعلاقة الزوجية نفسها ونرفض الاعتراف بها؟.

ما يزيد عن 14 ألف حالة طلاق سجلتها دائرة الأحوال المدنية وبنسبة ارتفاع بلغت 28.6%، وهذا رقم كبير بلا شك،لكنه لا يقرأ من زاوية الجيوب فقط، فالفئتان الأكثر عرضة للطلاق هما (25–29) ، (30–34) عاما، أي الفئة العمرية التي يفترض أن تكون في ذروة الاستقرار والقدرة على التكيف، لا في مرحلة "الانهيار المعيشي"، فمن أول شهرين أو عامين وكما نرى يبدأ الانفصال!.

الطلاق هنا وبحسب المعطيات العمرية لا يبدو أنه نتيجة عجز مالي، بل على ما يبد أن الامر يتعلق بالعجز في التواصل، فحين تغيب لغة التفاهم، يتحول النقاش إلى صراع، والحوار إلى معركة، والمشكلة الصغيرة إلى طلاق، وهنا نقص المال من الضغط ،الا أنه ليس الشرارة التي تشعل الذهاب الى النهاية.

من السهل أن نلوم الظروف، لأننا لا نريد أن نحاسب أنفسنا، فنحن بتنا "نبرر الخلافات" بالراتب والمصروف والأسعار، لكن الحقيقة أن كثيرا من العلاقات انهارت ببيوت ميسورة، تمتلك دخولاً مرتفعة، وهنا نجد أن الثراء أو المال لا يصنع التفاهم، والفقر لا يمنع الحب، وأن ما يصنع الزواج الناجح هو النضج، لا مستوى الدخل.

الأخطر أن هذا التبرير الاقتصادي يعفي المجتمع من مسؤوليته، ويجعلنا نتغافل عن التربية، عن التهيئة النفسية، عن فهم معنى الشراكة، فالشباب يدخلون الزواج وهم يجهلون كيف يدار حوار أو تحل مشكلة، فحين "تهتز العلاقة" لا يعرف أحد من أين يبدأ، ولا كيف ينقذها.

خلاصة القول، الظروف الاقتصادية بريئة من ازدياد حالات الطلاق، والمتهم الحقيقي هو غياب الوعي، وضعف الإعداد للحياة الزوجية، وثقافة الاستهلاك العاطفي السريعة التي جعلت الزواج تجربة مؤقتة لا التزاما طويل الأمد، فالاقتصاد يمكن أن يضعف القدرة على الصمود، لكنه لا يهدم بيتا مبنيا على المحبة والتفاهم، ولهذا فأن من "يربط الطلاق" بالفقر، يهرب في الواقع الحال من مواجهة الحقيقة المؤلمة، والتي تكمن في أننا نعيش أزمة قيم، لا أزمة معيشة.

مدار الساعة (الرأي الأردنية) ـ