أخبار الأردن اقتصاديات دوليات برلمانيات وفيات أحزاب مجتمع وظائف للأردنيين مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية الموقف مناسبات جاهات واعراس مستثمرون شهادة جامعات دين بنوك وشركات خليجيات مغاربيات ثقافة رياضة اخبار خفيفة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

الخوالدة يكتب: السادس من أكتوبر عبقرية مصرية.. وتضحيات أردنية وعربية


د. زيد احسان الخوالدة

الخوالدة يكتب: السادس من أكتوبر عبقرية مصرية.. وتضحيات أردنية وعربية

مدار الساعة ـ

في السادس من أكتوبر عام 1973، لم تكن الحرب مجرد مواجهة عسكرية على جبهات القتال، بل كانت لحظة تاريخية أعادت للأمة العربية وعيها الجمعي بعد أعوامٍ من الانكسار والخذلان. في ذلك اليوم المجيد، امتزج صوت الأذان بصفير الرصاص، واجتمع الإيمان والإصرار على هدفٍ واحد: استعادة الكرامة.

مصر المحروسة، قلب العروبة النابض، قادت الملحمة بعزيمة لا تلين. لقد تجلت عبقرية الجندي المصري وقياداته حين عبرت القوات القناة بإرادة فولاذية، متحديةً فارق التسليح الهائل، لتثبت أن الإيمان بالحق أقوى من أي آلة حرب. كانت معركة مصر مع العدو معركة وعيٍ وصبرٍ وإرادة، استطاعت من خلالها أن تستعيد سيناء وتستعيد معها كرامة الأمة.

لكن هناك بطولة عربية أخرى أُجهضت بقرار سياسي من حافظ الأسد، إذ خسر العرب على الجبهة السورية ثمرة تضحياتهم بعد أن تحوّل النصر العسكري إلى ورقة مساومة سياسية. ومع ذلك، سطّر الأبطال على الأرض ملحمة حقيقية؛ فقد وقف الجيش العراقي موقف البطولة دفاعًا عن دمشق التي كانت على وشك السقوط تحت وطأة الهجوم المعادي، كما سطّر اللواء المدرع الأربعون الأردني صفحة من أنبل صفحات الفداء حين أجبر العدو على التراجع عشرة كيلومترات كاملة، رغم الضغوط الدولية التي كانت تمارس على الأردن لثنيه عن المشاركة في المعركة، وهو الذي يقف على أطول خط حدودي مع العدو ويحمل في وجدانه همّ الأمة بأكملها.

ولولا عناية الله أولًا، ثم تضحيات هذه الجيوش العربية ثانيًا، لكانت دمشق الحبيبة في خطر داهم. لقد أنقذتها الدماء الزكية التي سالت على الأرض، لا الشعارات ولا الخطابات. وإننا نرجو من الإخوة السوريين أن يعيدوا قراءة تلك المرحلة بعين الإنصاف، وأن يدرّسوا لأبنائهم بطولات الجيش العراقي والأردني وسائر الجيوش العربية التي هبّت دفاعًا عن دمشق، لتبقى ذاكرة الأمة صادقة مع من قاتلوا بصدقٍ وإيمان.

إن السادس من أكتوبر ليس ذكرى حربٍ فحسب، بل هو عنوانٌ لإرادة أمة إذا اتحدت، استطاعت أن تُغيّر مجرى التاريخ. إنه يومٌ علّم العالم أن الإيمان والعزيمة قد يهزمان أقوى ترسانة في العالم، وأن العرب حين تتوحد قلوبهم، لا يقف أمامهم شيء.

وفي الوقت الذي نحتفل فيه مع مصر بذكرى نصر أكتوبر المجيد، فإننا نرجو من التربويين العرب أن يدرّسوا للأجيال معركة الكرامة الأردنية عام 1968، تلك التي كانت الشرارة الأولى لاستعادة الكبرياء العربي بعد نكسة 1967، حين وقف الجندي الأردني صامدًا في وجه العدو، وحقق أول انتصار عربي أعاد للأمة إيمانها بنفسها وبقدرتها على الصمود والرد.

إن الكرامة لا تُستعاد بالكلمات، بل بالمواقف، وقد كتب العرب في الكرامة والأكتوبر معًا صفحاتٍ لا تُمحى من ذاكرة التاريخ.

مدار الساعة ـ