أخبار الأردن اقتصاديات دوليات برلمانيات وفيات مجتمع وظائف للأردنيين أحزاب أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مقالات مختارة مناسبات جاهات واعراس مستثمرون شهادة الموقف جامعات بنوك وشركات خليجيات مغاربيات دين اخبار خفيفة ثقافة رياضة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

الأحزاب الأردنية وبرامج تخدم الوطن والمواطن


د. خلف ياسين الزيود
نائب أردني سابق عضو المكتب السياسي لحزب عزم

الأحزاب الأردنية وبرامج تخدم الوطن والمواطن

د. خلف ياسين الزيود
د. خلف ياسين الزيود
نائب أردني سابق عضو المكتب السياسي لحزب عزم
مدار الساعة (الرأي الأردنية) ـ

منذ عودة الحياة الحزبية في الأردن من التسعينيات وحتى الآن، شكلت مسألة البرامج السياسية والاقتصادية والاجتماعية للأحزاب تحدياً فعلياً أساسياً لها أمام المواطن الذي يتساءل عن مدى جدوى هذه الأحزاب وقدرتها على إحداث التغيير، والسؤال المركزي الذي يفرض نفسه هو هل تمتلك الأحزاب الأردنية برامج حقيقية تخدم الوطن والمواطن، أم أنها ما تزال أسيرة الشعارات العامة.

تتوزع الأحزاب بين تيارات فكرية مختلفة قومية، يسارية، إسلامية، وليبرالية، ولكن رغم هذا التنوع يلاحظ المتابع أن الغالبية العظمى منها لم تتمكن بعد من ترسيخ برامج عملية قابلة للتنفيذ، أو على الأقل لم تستطع إيصالها للمواطن بطريقة واضحة ومقنعة، فهل هو بسبب ضعف التمويل، أم محدودية القاعدة الشعبية، أم هي طبيعة القوانين الناظمة للحياة الحزبية، أم إلى ثقافة مجتمعية ما تزال مترددة تجاه العمل الحزبي.

معظم الأحزاب الأردنية تعلن في أدبياتها عن برامج تكاد تكون مشتركة وهي:

الإصلاح السياسي وذلك بتوسيع المشاركة الشعبية، تعزيز الديمقراطية، استقلال القضاء، توسيع صلاحيات البرلمان.

الإصلاح الاقتصادي؛ دعم الطبقة الوسطى، تشجيع الاستثمار، محاربة الفساد، تحسين الخدمات الأساسية، والإصلاح الاجتماعي بتطوير التعليم، تحسين القطاع الصحي، تعزيز دور المرأة والشباب، لكن المعضلة أن هذه الطروحات غالباً ما تبقى في مستوى العموميات ولا تتحول إلى خطط تنفيذية واضحة بالأرقام والجداول الزمنية.

الفجوة الأساسية بين المواطن والأحزاب تكمن في غياب المصداقية والملامسة المباشرة لهموم الناس اليومية، فالمواطن يريد حلولاً لأزماته المباشرة مثل البطالة، الفقر، غلاء الأسعار، الخدمات الصحية والتعليمية. لكن ما يصله من بعض الأحزاب هو خطاب عام لا يتضمن برامج مفصلة توضح كيف سيتم معالجة هذه التحديات.

كما أن بعض الأحزاب تركز على قضايا كبرى مرتبطة بالسياسة الخارجية أو الشعارات الأيديولوجية، بينما يظل الشارع يبحث عن حلول لقوت يومه.

نعم، هناك بعض المحاولات الجادة من أحزاب جديدة نشأت بعد التعديلات على قانون الأحزاب (2022) والتي حاولت صياغة برامج أكثر تخصصاً، خصوصاً في مجالات الاقتصاد والتشغيل والشباب، غير أن هذه البرامج ما تزال في بداياتها وتحتاج إلى فرصة عملية للاختبار من خلال المشاركة في الحكومات البرلمانية أو المجالس المحلية.

ولكي تتحول الأحزاب الأردنية إلى أدوات فاعلة في خدمة الوطن والمواطن، فهي بحاجة إلى:

تأسيس وحدات بحث وتخطيط داخل كل حزب أردني لإنتاج سياسات واقعية مبنية على بيانات وطنية دقيقة ضمن الآليه التالية:

• إلزام الأحزاب بإنشاء وحدة دراسات حزبية بالشراكة مع الجامعات والمراكز البحثية.

• تخصيص دعم حكومي أو صناديق تمويل حزبية للمشاريع البحثية التطبيقية.

• الأحزاب مطالبة بأن تفتح أبوابها للتكنوقراط والمهنيين في مجالات الاقتصاد والإدارة والتعليم والصحة، لا أن تبقى حكراً على النشطاء السياسيين، يتم ذلك عبر لجان تخصصية داخل الحزب ترفع برامجها إلى القيادة الحزبية لتُعتمد وتُعلن للرأي العام.

• الحزب الذي لا يُرى في الميدان، لن يُصدّق في البرلمان، لذا عليه إطلاق مبادرات خدمية وتنموية على مستوى المحافظات (مثل دعم مشاريع شبابية، أو مبادرات بيئية وتعليمية) ليشعر المواطن بأن الحزب شريك في تحسين حياته لا مجرّد متحدث باسمه.

• إعداد جيل جديد من الكوادر القادرة على إدارة الملفات العامة من خلال إنشاء “معهد وطني للتأهيل الحزبي والسياسي” بإشراف الهيئة المستقلة للانتخاب، لتدريب منتسبي الأحزاب على الإدارة العامة، والاقتصاد، والسياسات الاجتماعية.

• مراجعة التشريعات بحيث تتيح تمويلاً حزبياً مرتبطاً بمستوى الأداء والتمثيل، لا بعدد الأعضاء فقط.

• تفعيل الإعلام الوطني لإعطاء مساحة عادلة للأحزاب لعرض برامجها ونقاشها أمام الناس.

• يجب أن تكون برامج الأحزاب منسجمة مع رؤية التحديث الاقتصادي، وخارطة تحديث القطاع العام، والرؤية السياسية الجديدة التي أطلقها جلالة الملك عبد الله الثاني، ليصبح الحزب شريكاً في تنفيذ رؤية الدولة لا منافساً له.

وهنا يمكن القول إن معظم الأحزاب الأردنية اليوم تمتلك برامج تخدم الوطن والمواطن، لكنها لم تصل بعد إلى المستوى العملي الذي يجعلها مؤثرة وفاعلة في حياة الناس، لأن التحدي الأكبر أمامها هو الانتقال من الشعارات إلى التنفيذ، ومن العموميات إلى التفاصيل عندها فقط سيشعر المواطن بأن لهذه الأحزاب دوراً حقيقياً في تحسين حياته اليومية والمساهمة في بناء دولة حديثة قوية.

مدار الساعة (الرأي الأردنية) ـ