أخبار الأردن اقتصاديات دوليات برلمانيات وفيات مجتمع وظائف للأردنيين أحزاب أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مقالات مختارة مناسبات جاهات واعراس مستثمرون شهادة الموقف جامعات بنوك وشركات خليجيات مغاربيات دين اخبار خفيفة ثقافة رياضة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

ابو نقطة يكتب: 'درع الأردن الواقية... كيف تحمي الركائز الثلاث وحدة المصير' من تصفية القضية؟


عبد الرحمن ابو نقطة
باحث في المجلس الاقتصادي والاجتماعي الأردني.

ابو نقطة يكتب: 'درع الأردن الواقية... كيف تحمي الركائز الثلاث وحدة المصير' من تصفية القضية؟

عبد الرحمن ابو نقطة
عبد الرحمن ابو نقطة
باحث في المجلس الاقتصادي والاجتماعي الأردني.
مدار الساعة ـ

الركائز الاردنية: لا للتهجير ولا للتوطين ولا للوطن البديل، هي خطوط دفاع استراتيجية رسمتها المملكة لمواجهة أخطر التحديات الوجودية، بعدما تجاوزت تداعيات حرب غزة حدود القطاع الجغرافية لتصبح اختباراً وجودياً للدور الأردني ومفهوم "وحدة المصير" التاريخية. فما يجري اليوم في فلسطين المحتلة، من عدوان مستمر ومحاولات لدفع السكان نحو التهجير، لا يمثل تهديداً للقضية الفلسطينية وحدها، بل هو ضربة مباشرة لركائز الأمن القومي الأردني.

الوصاية: حجر الزاوية التاريخي

لطالما مثلت الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس حجر الزاوية في العلاقة الأردنية الفلسطينية وفي السياسة الخارجية للمملكة. هذه الوصاية ليست مجرد واجب ديني وتاريخي، بل هي عمق استراتيجي وخط دفاع أول عن الهوية العربية للقدس. يرى الأردن في حماية الأقصى والقدس صمام أمان لاستقراره الداخلي والإقليمي.

لكن الأحداث الأخيرة وضعت هذه الوصاية تحت ضغوط غير مسبوقة. فالتصعيد في الضفة الغربية ومحاولات التغيير الديموغرافي والجغرافي تقوض الدور الأردني وتحاول تفريغ الوصاية من مضمونها السياسي والعملي على الأرض، مما يفتح الباب أمام الأسئلة المقلقة حول مستقبل المدينة المقدسة.

التحدي الوجودي: التهجير والضم

تشكل مخططات "التهجير القسري" و "ضم الضفة الغربية" الخط الأحمر الأردني بامتياز، ويُنظر إليها في عمان على أنها تهديد وجودي لا يمكن السكوت عنه.

1. التهجير القسري: إن أي موجة تهجير جديدة من الضفة أو غزة نحو الأردن هي محاولة لتصفية القضية الفلسطينية على حساب الأردن، وإحداث تغيير ديموغرافي وجغرافي يزعزع الاستقرار الداخلي ويقوض الهوية الوطنية الأردنية. لهذا السبب، يُعلن الأردن بشكل واضح ومستمر رفضه القاطع لسيناريو التهجير، ويعدّه إعلان حرب إقليمية.

2. ضم الضفة الغربية: يُنظر إلى خطوات الضم على أنها استكمال لمشروع الاحتلال وتقويض لحل الدولتين الذي يشكل المظلة السياسية لحل الصراع. من شأن الضم أن يهدد حدود الأردن، ويزيد من الضغوط على دوره كحامٍ للمقدسات، ويدفع باتجاه المزيد من التوتر على الحدود.

بين الدبلوماسية وغضب الشارع

يجد الأردن نفسه في مأزق معقد: عليه أن يوازن بين دبلوماسيته الحذرة التي تهدف إلى وقف التصعيد وحماية مصالحه، وبين الغضب الشعبي العارم الذي يطالب بمواقف أكثر حزماً تجاه ما يجري في فلسطين.

لقد كانت الدبلوماسية الأردنية في الأسابيع الماضية تعمل بجهد كبير على عدة مستويات: حشد الدعم الدولي لـ وقف إطلاق النار، إدخال المساعدات الإنسانية عبر معبر كرم أبو سالم، والتحذير المستمر من عواقب "التهجير القسري".

لكن الرأي العام الأردني، الذي يرى في القضية الفلسطينية قضيته المركزية، يجد أن التحديات الوجودية تتطلب أكثر من التصريحات الدبلوماسية، مما يفرض ضغوطاً غير مسبوقة على صانع القرار لـ إعادة تقييم شاملة للعلاقات الإقليمية والدولية.

في الختام، إن مفهوم "وحدة المصير" لم يعد شعاراً عابراً، بل أصبح حقيقة يفرضها الواقع الأليم. التحديات التي تواجه الوصاية الهاشمية ومخاطر التهجير والضم تعني أن استقرار الأردن وسلامة أراضيه مرتبطان عضوياً بإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية.

وحدة المصير اليوم تعني وحدة الدفاع: الدفاع عن القدس، وعن الضفة الغربية، وعن حق العودة، هو في جوهره دفاع عن سيادة الأردن وسلامة شعبه. المستقبل مرهون بما سيترتب على حرب غزة، وإذا لم ينجح المجتمع الدولي في لجم مخططات التهجير والضم، فإن المنطقة بأسرها، والأردن في قلبها، ستدخل في مرحلة جديدة وأكثر خطورة.

مدار الساعة ـ