أخبار الأردن اقتصاديات دوليات برلمانيات وفيات مجتمع وظائف للأردنيين أحزاب أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مقالات مختارة جاهات واعراس مستثمرون شهادة الموقف مناسبات جامعات بنوك وشركات خليجيات مغاربيات دين اخبار خفيفة ثقافة رياضة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

عباسي تكتب: الهوية والإبداع في الرؤية الملكية للتنمية


د. هبة عباسي
قسم الموسيقى - كليّة الفنون والتصميم - الجامعة الأردنيّة

عباسي تكتب: الهوية والإبداع في الرؤية الملكية للتنمية

د. هبة عباسي
د. هبة عباسي
قسم الموسيقى - كليّة الفنون والتصميم - الجامعة الأردنيّة
مدار الساعة ـ

في ظلّ التحوّلات العالميّة المتسارعة، تغيّر مفهوم الإقتصاد العالمي فلم يعد يُقاس بالموارد الماديّة أو الطبيعيّة فقط بل بما تمتلكه الدول من خيالٍ وإبداعٍ وثقافة، أو ما يُعرف اليوم بـ الاقتصاد الثقافي أو الإبداعي. فقد بات القطاع الثقافي والإبداعي رافدًا اقتصاديّا اسايًّا ومحوريًّا، فمن خلال استثمار الفنون، والتراث، والصناعات الإبداعية، يمكن تحقيق تنمية مستدامة توازن بين البعد الاقتصادي والإنساني.

وتأتي زيارة جلالة الملكة رانيا العبدالله إلى محافظة معان في هذا السياق، لتعكس أبعادًا ثقافيّة واجتماعيّة وتنمويّة ذات بعدٍ واسعٍ وجوهري، حيث اطّلعت جلالتها على مشاريعٍ نفّذها أبناء المحافظة بدعمٍ من الديوان الملكي الهاشمي وصندوق الأمان لمستقبل الأيتام.

لم تكن الزيارة مجرّد جولةٍ ميدانية، بل كانت رسالة وطنيّة تعبّر عن رؤية شمولية ترى في التمكين الاقتصادي والثقافي معًا حجر الأساس في بناء الإنسان الأردني المنتج، والمجتمع القادر على النهوض بنفسه مستقلًّا بذاته بعيدا عن الاتكال؛ لتؤكّد أن الثقافة والإبداع هما لغة المستقبل ومحور التنمية الحقيقية ونواة التقدّم والإصلاح في الأردن.

وأطلّت جلالة الملكة رانيا مرتدية الثوب الأردني التقليدي المزدان بخطوطٍ وألوانٍ تعكس تنوّع البيئة الأردنية وغنى تراثها، في مشهدٍ يفيض بالرمزية الثقافية. فكان هذا الاختيار رسالة بصرية للتعبير عن الفخر بالهوية الوطنية والثّقة التّامة بقوّة التراث الأردنيّ وأهمّيّة إحيائه سواء من خلال اللباس أو الفنّ أو الحرفة أو الكلمة، والتأكيد على أنّ التراث هو عنصر مهمّ من عناصر الاقتصاد الثقافي. فيصبح الإبداع امتدادًا طبيعيًّا للأصالة في مشهدٍ متكامل يُجسّد جوهر الرؤية الأردنية للتنمية المستدامة، فتوفّق بين الماضي العريق والحاضر المبدع والمتجدّد.

وبالرغم من التحدّيات والصعوبات التي يواجهها مساري التنمية الإقتصاديّة والثقافية في الأردن؛ كالتمويل، والبنية التحتية، وفرص التسويق للمشاريع الإبداعية، إلّا أنّ الإصرار الأردنيّ على النهوض لا يعرف التراجع أو الإنكسار. ففي كلّ زاوية من زوايا محافظاتنا حكاية مُلهِمة، وفي كلّ فكرةٍ بذرة أمل تُثمر حين تجد من يحتضنها ويدعمها. وسييظلّ الأردن أرضًا وشعبًا وقيادة نموذجًا لبلدٍ صغير في حجمه لكنّه كبير في عطائه، وعميق في إيمانه بأنّ التنمية الحقيقية لا تُقاس بالأرقام وحدها، بل بما نغرسه وعيًا في عقول الأجيال وقلوبهم وضمائرهم.

مدار الساعة ـ