أخبار الأردن اقتصاديات دوليات برلمانيات وفيات أحزاب مجتمع وظائف للأردنيين مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية الموقف مناسبات جاهات واعراس مستثمرون شهادة جامعات دين بنوك وشركات خليجيات مغاربيات اخبار خفيفة ثقافة رياضة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

الزعبي يكتب: وزارة الاقتصاد الرقمي والريادة.. وعود كبيرة وإنجاز محدود


محمد علي الزعبي

الزعبي يكتب: وزارة الاقتصاد الرقمي والريادة.. وعود كبيرة وإنجاز محدود

مدار الساعة ـ

في ظل التحول الرقمي الذي أصبح أحد مرتكزات الدولة الحديثة، يقف المواطن اليوم أمام سؤال جوهري: هل الوزارة المعنية بهذا الملف الحيوي قادرة على ترجمة الطموح إلى واقع ملموس؟ الإجابة تكشف عن فجوة عميقة بين الرؤية والإعلان من جهة، وبين الإنجاز الفعلي على الأرض من جهة أخرى. فالتحول الرقمي ليس شعارًا يُرفع، بل تجربة يلمسها المواطن في معاملاته اليومية، وهذا ما لا يزال بعيد المنال.

وزارة الاقتصاد الرقمي والريادة كانت حلمًا وطموحًا، عنوانًا للتحول الذي ينتظره المواطن والدولة، لكن الواقع يكشف فجوة كبيرة بين الشعارات والإنجازات. فبعد سنوات من إطلاق الاستراتيجية الوطنية للتحول الرقمي (2021–2025)، تشير التقارير إلى أن نسبة التحول الرقمي الفعلي في الخدمات الحكومية لم تتجاوز 38%، بينما لا تتعدى عدد الخدمات الإلكترونية التي تعمل بكفاءة 260 خدمة من أصل 700 خدمة معلنة. هذا الفرق الكبير بين الإعلان والتنفيذ يضع علامة استفهام عن جدية الوزارة في تحقيق أهدافها.

المشكلة ليست في الرؤية أو الموارد، بل في ضعف التخطيط التنفيذي وغياب إدارة الأداء الفعلية. فحوالي 42% من المؤسسات الحكومية لا تزال تعتمد على أنظمة قديمة، بعضها يفتقر لأدنى معايير الأمن السيبراني، رغم أن الدولة أنفقت أكثر من 90 مليون دينار على مشاريع التحول الرقمي خلال السنوات الخمس الماضية. هذا الإنفاق الكبير لم يترجم إلى تحوّل محسوس في تجربة المواطن مع الخدمات الرقمية، بل بقيت المنصات متقطعة ولا تتكامل، ما يجعل المواطن يتنقل بين مواقع متعددة بدلًا من أن يجد منصة واحدة سهلة الاستخدام.

أما على صعيد الريادة، فلا تزال الوزارة بعيدة عن تحقيق الأثر المأمول، فقد دعمت نحو 120 مشروعًا رياديًا خلال ثلاث سنوات، معظمها يتركز في العاصمة، فيما بلغ معدل فشل المشاريع الناشئة نحو 60% خلال العام الماضي، ولم تُسهم سوى بخلق نحو 900 فرصة عمل فقط، وهي أرقام متواضعة قياسًا بحجم الدعم المعلن.

من وجهة نظري، الوزارة أمام خيارين: إما الاستمرار في إدارة التحول الرقمي كشعارات إعلامية، أو اتخاذ خطوات إصلاحية جريئة تعيد الثقة بمشروعها. الإصلاح يحتاج إلى إعادة ترتيب الأولويات، والتركيز على إنجاز التحول الرقمي في الخدمات الأساسية قبل التوسع في مشاريع إضافية، وتعزيز الشفافية بنشر مؤشرات الأداء بشكل دوري وواضح، ودمج الأنظمة الحكومية في منصة واحدة سهلة الاستخدام. كما يجب الاستثمار في تدريب الكوادر لضمان الاستخدام الأمثل للتقنيات، وتفعيل آليات مساءلة الأداء لضمان الالتزام بالخطط.

الإصلاح الرقمي ليس في الأرقام على الورق، بل في شعور المواطن بأن الدولة أصبحت أكثر سرعة وكفاءة وشفافية في تقديم الخدمات. الأردن يمتلك الكفاءات والرؤية، لكنه بحاجة إلى إرادة تنفيذية قوية تحول التحول الرقمي من فكرة إلى واقع ملموس يلمسه المواطن في حياته اليومية.

مدار الساعة ـ