أخبار الأردن اقتصاديات دوليات برلمانيات وفيات أحزاب مجتمع وظائف للأردنيين أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مقالات مختارة الموقف مناسبات جاهات واعراس مستثمرون شهادة جامعات بنوك وشركات خليجيات مغاربيات دين رياضة اخبار خفيفة ثقافة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

المجالي يكتب: جمهورية الجزيرة.. ابنة الدوحة والنخل والثبات


عبدالهادي راجي المجالي
abdelhadi18@yahoo.com

المجالي يكتب: جمهورية الجزيرة.. ابنة الدوحة والنخل والثبات

مدار الساعة ـ

منذ عامين وأنا مع الجزيرة، لم أبدل ولم أغير.. ظلت صديقتي التي تمطرني بشلال من المعنويات، وها أنا اليوم لحظة كتابتي هذا المقال أنظر لشاشة هذه القناة، وأشاهد أفواج الناس تدخل (غ ز ة) عجرفة على الجلاد، تدخل المدينة مرفوعة الرأس، فخورة بصبرها وبالشهداء و( ب ف ل س ط ين).

إذا قلت إن الجزيرة قناة سأظلمها، كانت جمهورية بحق.. وانتصر الإعلام الذي يحمل المبادئ، انتصر الإعلام الذي انحاز للقضية والدم والعروبة، انتصر الإعلام الذي كان مع البسطاء ولم ينجر للغة الهزيمة، لم يتورط في خطاب العمالة..ولم يمارس لعبة تحطيم معنويات الناس.

قالوا عنها إنها كانت مشروع (ديفيد كمحي)، وأنها فكرة (إس رائيلية)... قالوا عنها إنها تتواطأ على سيادة الدول، وإنها تشعل النار في الشوارع، قالوا عنها إنها فجرت براكين الغضب في الربيع العربي، قالوا عنها إنها أم المؤامرات..كل شيء قالوه عن الجزيرة، لكنهم صمتوا جميعا أمام تغطيتها للحرب في (غ زة)... أمام الشهداء الذين قدمتهم، أمام الصورة التي حافظت على ديمومتها... أمام العقول التي أحضرتهم كي يقوموا بتعرية رواية العدو، حتى فايز الدويري.. قالوا عنه إنه مجرد جنرال يتحدث بلغة عاطفية بعيدة عن الواقع، ولكن كلام فايز تبين أنه أعلى وأكبر من تصريحات بعض وزارات الخارجية العربية، فايز كان وزير خارجية الموقف النبيل، كان الناطق بلسان الفقراء العرب، وفايز قاتل بالصوت المبحوح بالقلب المتعب الذي خاض معارك شرسة مع الأطباء، وظل وجهه كما يجب: الأردني الحوراني الحر... شكرا باشا وتأكد أن فقراء وأخيار العالم العربي والغيارى فيه سينصفونك بالرغم من كل الرجم الذي تعرضت له.

صحيح أن الجزيرة لم تجلس على الطاولة ولم توقع مع الأطراف، لكنها كانت بشراستها في المعركة لا تقل تأثيرا عن قذائف (ال ي ا س ين)... كان العراقي النجيب لقاء مكي حين يخرج على شاشتها، لا يتحدث بلغة إعلام الإنبطاح الذي مارس عهرا أمميا، وتشفى بالدم (ال ف ل س ط ي ن ي) وصور المعركة على أنها مغامرة، وحاول حقننا بحقيقة زائفة مفادها : أن القضية انتهت، كان لقاء مكي يتحدث باللغة العراقية الراقية النبيلة، وكل حرف نثره على الهواء..كان بمثابة قتال واستبسال وفدائية عظيمة، تصب في خانة الوعي لا في خانة المؤامرة، في خانة المبادئ لا في خانة الإنبطاح.، شكرا سيد لقاء مكي..شكرا على كل ما قلته وشكرا على خطاب القيم والسمو، شكرا ع الوعي والعقل، وشكرا لأن المعنويات التي قمت بحققنا بها، لا تقل أهمية عن الطلقة في الميدان، ولا تقل أهمية عن العبوة، عن الكمين..والرصاصة الصائبة.

لقد تعرى إعلام العرب، تعرى تماما... في حين أن الجزيرة، غطت رأسها بدماء من حملوا المايكريفونات، وبدماء من حملوا على أكتافهم الكاميرات، وظلت معنا في المنازل، رافقتنا في لقمة الخبز وفنجان القهوة، في التعب..في مساءات الخزي والعار العربي، ظلت متحالفة مع الفقراء العرب، مع الحلم...لم تغير في الخطاب، لم تتأثر بقصف مكاتبها واغتيال المراسلين، ظلت وفية للقضية..فكانت جمهورية الصوت الحر والصورة الصادقة، والأهم أنها تركت للعرب أن ينقلوا وجع (غ ز ة).. لم يظهر القطري على شاشتها، تركت للتونسي والأردني واللبناني والفلسطيني..مساحات خلف (مايكريفوناتها)...وأخبرتهم أن هذا الميدان لكم فقاتلوا فيه كما يجب.

شكرا للجزيرة، لولا شاشتها لما حدثت هذه الإنقلابات في العالم الغربي، كانوا يريدون (غ ز ة) مجرد خبر ينقله إعلام العمالة، وينقل معه أخبار هزيمة..وأخبار مغامرات خاضها (الفل س طيني) في إطار العبث، لكنها أصرت على أن تكون شاشتها للحقيقة فقط، وللنصر..ولم تستعمل مصطلح هزيمة أو مغامرة، لم تقم بإدانة أحد أو طرف، بل ظلت مع البحر والدم والنخل والمقاوم والأم الثكلى والرضيع...ظلت أيضا مع صوت المؤذن حين ينطلق من أطلال المساجد، ظلت مع الأكف الضارعات لله في الهزيع الأخير من ليل النزوح والقصف.

شكرا للجزيرة، التي ما غيرت ولا بدلت...بالرغم من الجحود بالرغم من ضغوطات مؤسسات غربية وأخرى عربية، بالرغم من مطالبات تغيير الرواية..وحين فشلوا في الضغط عبر القنوات الدبلوماسية، تولت (اس رائيل) اغتيال فتيتها..,كان اخرهم (أنس) الفتى الحر النبيل، الذي سيبقى اسمه في تاريخ العرب..أسطورة جعلت (المايكريفون) أخطر من قنبلة نووية، أدري أنك في عليين يا فتى وأدري أنك تراقب العودة، وأدري أنك ترسل بالقبلات للمخيمات والشواطيء وللأمهات وللبنادق.

شكرا للجزيرة...وأعرف يا ابنة الدوحة والنخل والثبات، أن بعضا من إخوتنا سيمطرونني بعبارت الرجم، أعرف أن البعض سيعود لذات الرواية السخيقة البائسة التي تقول : أن (ديفيد كمحي) هو من أسسها ورفضتها العواصم، سيعودون لذات الإسطوانة المشروخة، لكن فلتتذكر الجزيرة.. تلك الفرس الحرون التي طوعت كل ميدان في هذا العالم، أنها انتصرت في حرب الرواية..لتتذكر أنها الأساس في تحريك عواصم الغرب، لتتذكر أنها لو لم تكن هناك...لما كان المشهد الان في هذه الشكل.

ولتتذكر الجزيرة وكل من يعمل بها أنها من حقها أن تحتفل، لأن الجيوش العربية حين انهزمت أمام (إس رائيل)..استطاعت الجزيرة أن تنتصر عليها.

أما أنت يا صديقي الباشا، صديقي الجنرال الحر (فايز الدويري) تأكد أن بعضا من التائبين سيأتونك بضحكة الهزيمة، سيأتي إليك أيضا بعض الذين رجموك..سيأتي إليك بعض الذين يريدون تقديم قبلة واعتذار، لا تصافح أي واحد منهم إياك..... على الأقل يكفيك شرفا أن مجاهدا من ثغره ذات يوم نادى عليك وقال : (حلل يا دويري) ...يكفيك شرفا أن الأرض نادت عليك في (ف ل س ط ي ن).

مدار الساعة ـ