أخبار الأردن اقتصاديات دوليات برلمانيات وفيات أحزاب مجتمع وظائف للأردنيين تبليغات قضائية مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس الموقف مناسبات جاهات واعراس مستثمرون شهادة جامعات مغاربيات دين بنوك وشركات خليجيات اخبار خفيفة ثقافة رياضة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

النائب الغزاوي يكتب: الملك عبدالله الثاني.. حين صنع من الموقف الصعب درساً في القيادة والثبات


النائب علي سليمان الغزاوي

النائب الغزاوي يكتب: الملك عبدالله الثاني.. حين صنع من الموقف الصعب درساً في القيادة والثبات

مدار الساعة ـ

في عالم السياسة، تتجلّى لحظات نادرة تختصر المواقف وتُعيد رسم خرائط التأثير، وتبقى خالدة في الذاكرة الوطنية، اللقاء الذي جمع جلالة الملك عبدالله الثاني بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب في شباط من ذلك العام، لم يكن مجرّد اجتماعٍ بروتوكولي، بل كان اختباراً حقيقياً للدبلوماسية الأردنية في واحدة من أكثر اللحظات حساسية في تاريخ المنطقة.

داخل المكتب البيضاوي، وأمام أنظار الإعلام العالمي، وقف جلالة الملك عبدالله الثاني بثقةٍ وثباتٍ نادرين، مدافعاً عن الثوابت الوطنية وعن الحق الفلسطيني، في وقتٍ كان فيه الخطاب الأمريكي يتحدث صراحةً عن إعادة رسم خرائط الشرق الأوسط وفق رؤيةٍ جديدة، في لحظةٍ كانت تُعتبر فخاً سياسياً، حوّلها جلالته إلى منصةٍ لتثبيت الموقف الأردني، معلناً بوضوح أن الأردن لا يقبل المساس بالقدس، ولا بالمقدسات، ولا بحق الشعب الفلسطيني في أرضه ودولته المستقلة.

النتائج لم تتأخر كثيراً، فبعد شهور قليلة من اللقاء، تغيّر الخطاب الأمريكي بصورةٍ لافتة، وخرج الرئيس ترامب ليعلن رفضه لأي ضمٍّ للضفة الغربية أو تهجيرٍ للفلسطينيين من أرضهم، كان هذا التحوّل ثمرة لدبلوماسية أردنية هادئة وعميقة التأثير، أدارت الأزمة بحكمةٍ وبعد نظر، ونجحت في إعادة التوازن إلى الخطاب الدولي دون صدامٍ أو انفعالٍ أو تنازلٍ عن المبدأ.

ورغم أن بعض الأطراف في الإقليم أساءت حينها قراءة الموقف الأردني، ظنًّا أن عمّان قبلت بالأمر الواقع، إلا أن الأيام أثبتت أن الأردن لم يخضع بل أعاد صياغة المشهد السياسي من الداخل، بثقةٍ واتزانٍ ورؤيةٍ ثابتة، تلك هي مدرسة جلالة الملك عبدالله الثاني في القيادة: مدرسة تعتمد الحوار الهادئ لا التصعيد، والثبات على المبدأ لا المساومة عليه.

واليوم، وبعد سنواتٍ من تلك اللحظة التاريخية، يُعيد جلالة الملك عبدالله الثاني التأكيد على النهج ذاته من خلال موقفه تجاه غزة ووقف إطلاق النار، في تغريدةٍ حملت جوهر الرؤية الأردنية الأصيلة، حيث قال جلالته: " وقف إطلاق النار في غزة خطوة مهمة يجب أن تفضي إلى نهاية الحرب. آن الأوان أن ينعم أهلنا بالأمان وأن تصل المساعدات بلا قيود. نثمن دور الرئيس ترمب في التوصل للاتفاق وجهود الأشقاء في مصر وقطر وتركيا. وسيظل الأردن السند للشعب الفلسطيني الشقيق في سعيهم للحرية والدولة على ترابهم الوطني.”

بهذه الكلمات، يُجدّد جلالته الموقف الأردني الثابت: أن دعم الشعب الفلسطيني واجبٌ لا يرتبط بحدثٍ سياسي، بل بجذرٍ وطنيٍ وتاريخيٍّ لا يتغيّر، فالأردن — قيادةً وشعباً — كان وسيبقى السند الحقيقي للقضية الفلسطينية، مدافعاً عن حقّها المشروع في الحرية والدولة والاستقلال.

لقد أثبتت التجربة الأردنية أن الدبلوماسية الهادئة لا تعني الضعف، والثبات على المبدأ ليس ترفًا سياسياً، بل هو جوهر القيادة الهاشمية التي تُدير الأزمات برؤيةٍ تتجاوز اللحظة، وتعمل بصمتٍ لتصنع الفارق، وفي زمنٍ تزدحم فيه الشعارات، يبقى صوت الأردن — بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني — هو صوت الحكمة والعقل العربي الوازن، الذي يحمي المصالح ويصون الكرامة، ويمنح الأمل وسط ضجيج العالم.

مدار الساعة ـ