أخبار الأردن اقتصاديات دوليات برلمانيات وفيات أحزاب مجتمع وظائف للأردنيين مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات الموقف مناسبات جاهات واعراس مستثمرون شهادة جامعات بنوك وشركات خليجيات مغاربيات دين ثقافة رياضة اخبار خفيفة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

الشناق يكتب: السياسة وزمن الدولة الأردنية


مصطفى مهيب الشناق
ناشط شبابي

الشناق يكتب: السياسة وزمن الدولة الأردنية

مدار الساعة ـ

في زمن الدولة الأردنية الحديثة، تتقدم السياسة لتكون معيار الوعي الوطني ومقياس نضج الدولة. فالأردن، منذ تأسيسه، لم يكن كيانًا عابرًا أو تجربة مؤقتة، بل مشروعًا سياسيًا متجذرًا في قيم الشرعية الهاشمية ورؤية القيادة التي جمعت بين الحكمة والتوازن، وجعلت من الدولة الأردنية نموذجًا للاستقرار وسط الإقليم الملتهب.

إنّ السياسة في هذا الزمن لم تعد مجرّد إدارة يومية لشؤون الدولة، بل أصبحت فلسفة متكاملة تُعيد بناء العلاقة بين الدولة والمجتمع على أسس المشاركة والعدالة والشفافية. فالدولة الأردنية تدخل اليوم مرحلة وعي سياسي جديد، عنوانه إعادة تعريف العمل العام، وفتح المجال أمام الأحزاب لتكون شريكة في صناعة القرار لا مجرد متفرج على المشهد. ومع دخول الأحزاب إلى قبة البرلمان، تتكرّس فكرة أن السياسة الأردنية تسير نحو مؤسسية حقيقية، تحكمها البرامج لا الأشخاص، والمواقف لا المزاجات.

لقد أثبتت التجربة الأردنية أنّ القيادة الهاشمية تمثل البوصلة الثابتة في زمن المتغيرات، وأنّ الدولة التي صمدت أمام الأزمات الإقليمية والاقتصادية، إنما تفعل ذلك بفضل عقل سياسي راشد يدير التحديات بواقعية، دون أن يتنازل عن الثوابت الوطنية. فالأردن لا يُقاس بحجمه الجغرافي، بل بثقله السياسي وقدرته على أن يكون صوتًا للعقل في محيطٍ مضطرب.

زمن الدولة الأردنية هو زمن الإصلاح الواعي، لا الإصلاح الشعاراتي. الإصلاح الذي يُبنى على إدراك أن الدولة ليست حكومات تتبدّل، بل منظومة قيمٍ ومؤسساتٍ متكاملة تحكمها الرؤية لا المزاج، والهدف لا المصلحة. ومن هنا، فإن على النخب السياسية والحزبية أن تتجاوز الخطاب الشعبوي إلى خطاب وطني عقلاني، يضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار، ويجعل من السياسة أداة بناءٍ لا وسيلة انقسام.

وفي هذا الزمن، تتعزز الثقة بين القيادة والشعب من خلال وضوح الرؤية وصدق التوجه. فخطابات جلالة الملك عبدالله الثاني وولي العهد سمو الأمير الحسين تحمل في جوهرها رسالة متقدمة: الأردن لا يسير خلف الأحداث، بل يصنعها بإرادته. الدولة اليوم تفتح أفقًا جديدًا أمام الشباب، وتشجع على المشاركة السياسية الواعية، وتبني مشروعًا وطنيًا طويل المدى يربط الإصلاح بالاستقرار، والديمقراطية بالمسؤولية.

إنّ السياسة في زمن الدولة الأردنية هي مشروع وطني عابر للحكومات، متصل بفكر الدولة الممتد منذ الثورة العربية الكبرى حتى يومنا هذا. هي سياسة الوعي، والقدرة على التوازن بين الانفتاح والهوية، وبين التغيير والحفاظ على الثوابت. لقد تجاوز الأردن مرحلة الدفاع عن بقائه، ودخل مرحلة ترسيخ دوره، ليؤكد للعالم أن الدولة الأردنية ليست فقط صامدة، بل قادرة على قيادة التحول بعقلٍ عربيٍّ حكيم.

وفي النهاية، يبقى الأردن دولةً تُصنع سياستها بالإرادة لا بالصدفة، وتُبنى قوتها على الثقة بين الشعب والقيادة. إنه زمن الدولة الأردنية؛ زمن الفكر الواعي، والسياسة النظيفة، والإرادة التي لا تنكسر أمام التحديات.

مدار الساعة ـ