أخبار الأردن اقتصاديات دوليات برلمانيات وفيات أحزاب مجتمع وظائف للأردنيين أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مقالات مختارة مناسبات جاهات واعراس مستثمرون شهادة الموقف جامعات بنوك وشركات خليجيات مغاربيات دين رياضة اخبار خفيفة ثقافة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

العايش تكتب: منهاج رياض الأطفال في المدارس الحكومية.. زخم بلا نظام!


رندا سليمان العايش
باحثة تربوية ومديرة مركز الريان للترجمة وخدمات البحث

العايش تكتب: منهاج رياض الأطفال في المدارس الحكومية.. زخم بلا نظام!

رندا سليمان العايش
رندا سليمان العايش
باحثة تربوية ومديرة مركز الريان للترجمة وخدمات البحث
مدار الساعة ـ

في الوقت الذي يُفترض أن تكون فيه مرحلة رياض الأطفال بوابة الطفل نحو التعلم المنظم والمتدرج، نجد أن المنهاج المطبق في المدارس الحكومية اليوم يعاني من الزخم والتشتت وضعف البناء التربوي. فالأنشطة الكثيرة غير المتسلسلة والمحتوى المزدحم جعلت التجربة التعليمية في الروضة بعيدة عن جوّ الهدوء والاكتشاف الذي يحتاجه الطفل في هذه المرحلة الحساسة.

إحدى أبرز الإشكاليات تكمن في دمج المواد الأساسية — اللغة العربية، والإنجليزية، والرياضيات — في كتاب واحد. قد يبدو هذا الدمج في ظاهره تسهيلاً، لكنه في الحقيقة يخلق تشويشًا ذهنيًا واضحًا لدى الطفل. فمن غير المنطقي أن ينتقل الطفل بين قصة عربية ومسألة حسابية ثم كلمات إنجليزية في صفحات متتابعة دون رابط معرفي أو سياق متسلسل. هذا الأسلوب يضعف التركيز ويشتّت الانتباه ويمنع الطفل من تكوين علاقات واضحة بين المفاهيم، لأن طبيعة النمو العقلي في هذه المرحلة لا تسمح بالتنقل السريع بين لغات ومجالات معرفية متعددة.

إضافة إلى ذلك، من الضروري أن يتم تدريس اللغة الإنجليزية من قِبل معلمة متخصصة في هذا المجال، وليس من قِبل معلمة اللغة العربية. فالتعامل مع لغة أجنبية يتطلب مهارات صوتية ونطقية وأساليب تدريس خاصة تراعي الفروق الدقيقة في التلقي والسمع والنطق عند الأطفال. حين تُدرَّس اللغة الإنجليزية بوساطة معلمة غير متخصصة، يتحول التعلم إلى تلقين صوتي جامد لا يحقق أهداف التواصل أو الفهم، بينما المعلمة المتخصصة قادرة على غرس اللغة بطريقة ممتعة ومبسطة عبر الألعاب والأغاني والأنشطة التفاعلية.

كما أن الكم الكبير من الأنشطة والزخم داخل المنهاج جعل المعلمة في سباق دائم مع الوقت، تُنفّذ المهام دون أن يتاح لها الوقت الكافي لترسيخ المفاهيم أو مراعاة الفروق الفردية بين الأطفال. وهو ما أفقد العملية التعليمية عمقها وتحولها إلى "تنفيذ صفحات" بدل بناء مهارات.

في المقابل، هناك مناهج حديثة أثبتت نجاحها محليًا وعالميًا، تقوم على مبدأ التكامل المنطقي بين المهارات، بحيث يتم الفصل بين المواد مع تحقيق الترابط بينها بطريقة هادئة ومدروسة. تركّز هذه المناهج على اللعب الموجّه، والاستكشاف، وبناء اللغة والمهارات الحسابية من خلال مواقف حياتية، مما ينمّي التفكير والإبداع لدى الطفل.

لقد آن الأوان لإعادة النظر في منهاج رياض الأطفال داخل مدارسنا الحكومية، بما يضمن وضوح التسلسل، وتقليل الزخم، وفصل المواد، وإسناد كل مجال لمعلمة مختصة، ليكون التعلم تجربة محببة لا عبئًا معرفيًا على عقول صغيرة ما زالت تتفتح على العالم.

مدار الساعة ـ