أخبار الأردن اقتصاديات دوليات برلمانيات وفيات أحزاب مجتمع وظائف للأردنيين مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات الموقف مناسبات جاهات واعراس مستثمرون شهادة جامعات بنوك وشركات خليجيات مغاربيات دين ثقافة رياضة اخبار خفيفة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

القرالة يكتب: ذلك هو الأردن..


رشدي القرالة
صحفي أردني

القرالة يكتب: ذلك هو الأردن..

رشدي القرالة
رشدي القرالة
صحفي أردني
مدار الساعة ـ

لم تكن مواقف الأردن في الحرب على غزة مواقف دولة على هامش الحدث، إنما حضور أمة تحمل على كتفيها عبء الضمير الإنساني في زمن تعطلت فيه البوصلة الأخلاقية، وتاهت فيه العدالة بين مصالح القوى الكبرى وصمت العالم.

الأردن، بقيادته الهاشمية الراسخة، لم يكتف بإدانة العدوان، فقد تصدر الموقف العربي والدولي بوعي استراتيجي عميق، جامع بين الثبات السياسي والنبل الإنساني، ليصبح صوت الضمير الحر في معركة كشفت زيف الشعارات العالمية عن الحقوق والإنسانية.

منذ اللحظة الأولى للعدوان، تحرك الأردن بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني بصلابة وهدوء يُعبّران عن مدرسة حكم تعرف متى تتكلم ومتى تفعل.

أطلق جلالته حراكا دبلوماسيا واسعا تجاوز حدود الخطابة التقليدية إلى بناء موقف عالمي يضع العالم أمام مسؤوليته الأخلاقية والتاريخية، فكانت تحركاته بين العواصم الكبرى ترجمة لفعل سياسي واع، هدفه تسجيل التغيير لا الكلمات.

في الأمم المتحدة، وفي القمم الإقليمية والعالمية، كان صوت جلالة الملك الأعلى والأصدق؛ لا يهادن ولا يساوم، يضع الحق في موضعه، ويعيد تعريف الشجاعة السياسية بوصفها التزاماً بالقيم لا بالمصالح.

تحرك جلالته بثبات يليق بقائد يرى في فلسطين امتدادا طبيعيا لهوية الأردن التاريخية والسياسية، وفي القدس أمانة وواجبا لا يقبلان المساومة.

وفيما كانت بعض العواصم تتلهى ببيانات الإدانة، كان الأردن يمارس الفعل النبيل على الأرض... يرسل طائرات الإغاثة في قلب النار، يفتح المستشفيات الميدانية، ويحول الموقف الإنساني إلى ممارسة يومية متجذرة في ضمير الدولة الأردنية.

لم ينتظر الأردن هدنة ليبدأ عمله، فقد كان جزءا من صناعة الهدنة نفسها، وأحد أهم العوامل التي هيأت البيئة الدولية لوقف العدوان، بحكمته السياسية وحضوره الأخلاقي ومصداقيته التي لا يملكها سواه.

الأردن لا يسعى إلى الضوء، ولا يبحث عن التصفيق، لأنه صانع الأثر.

فهو يؤمن بأن الفعل الصادق أبلغ من القول، وأن الالتزام الأخلاقي تجاه فلسطين ليس موقفا سياسيا، إنما هو جزء من عقيدته الوطنية ومن إرث الهاشميين الذين نذروا أنفسهم لحماية القدس ورعايتها.

لقد شكل الموقف الأردني جدارا من الاتزان وسط عواصف الجنون السياسي، ومثالا في الثبات حين اختار الآخرون الصمت أو التردد،

قوة الأردن تكمن في حكمته، وصوته المسموع في العالم نابع من صدقه، لا من ضجيجه.

وفي زمن امتلأ بالشعارات وافتقر إلى المواقف، ظل الأردن وحده يتحدث بلغة الكبار، لغة الفعل الهادئ، والعزم الرصين، والموقف الذي يُبنى لا الذي يقال.

الأردن هو الضمير العربي حين يخفت صوت الضمائر، والدرع الذي وقف بين الانهيار والكلمة، لا يساوم على القدس، ولا يبدل ثوابته مهما اشتدت العواصف.

إنه الدولة التي تقف على أرضها بثقة، وتتحدث باسم أمتها بكرامة، وتتحرك بقيادة ملك آمن بأن الصمت الموزون أبلغ من صخب الشعارات، وأن العمل الشريف أخلد من الادعاء.

ذلك هو الأردن...

الدولة التي كلما اختبرها التاريخ، ازداد يقين العالم بأنها ميزان العقل، ومحراب الضمير، ووجه الحقيقة حين تغيب الوجوه.

مدار الساعة ـ