أخبار الأردن اقتصاديات دوليات برلمانيات وفيات أحزاب مجتمع وظائف للأردنيين تبليغات قضائية مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس الموقف مناسبات جاهات واعراس مستثمرون شهادة جامعات مغاربيات دين بنوك وشركات خليجيات اخبار خفيفة ثقافة رياضة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

الجوابرة يكتب: القولون العصبي.. مرض العصر الصامت وكيف تفرض سيطرتك عليه


الدكتور محمد عقاب الجوابرة

الجوابرة يكتب: القولون العصبي.. مرض العصر الصامت وكيف تفرض سيطرتك عليه

مدار الساعة ـ

يُعرف بـ"مرض العصر* "؛ فقلما يخلو بيت أو محيط عمل من شخص يعاني من متلازمة القولون العصبي (Irritable Bowel Syndrome - IBS). هذا الاضطراب الهضمي الوظيفي هو أحد أكثر المشكلات الصحية شيوعاً وإزعاجاً، إذ لا يقتصر تأثيره على الجهاز الهضمي فحسب، بل يمتد ليؤثر على نوعية الحياة والصحة النفسية والجسدية للمريض.

قد تبدو أعراضه بسيطة في البداية – آلام مزمنة وتشنجات في البطن، إسهال أو إمساك متناوب، انتفاخ مزعج وغازات محرجة – لكن في بعض الحالات، قد يتجاوز الأمر حدود البطن ليُشعر المريض بضيق في التنفس أو حتى اضطرابات في ضربات القلب بسبب العلاقة الوثيقة بين الجهاز الهضمي والجهاز العصبي (محور الأمعاء والدماغ).

تعود أسباب هذا المرض إلى تداخل معقد بين عوامل عضوية (كفرط الحساسية في الأمعاء أو اضطراب حركة القناة الهضمية) وعوامل نفسية قوية، أبرزها التوتر والقلق. وغالباً ما يكون القولون العصبي مرضاً مزمناً، يتطلب فهماً عميقاً ومتابعة واهتماماً مستمرين من حيث النظام الغذائي والحالة النفسية معاً.

السيطرة على الأعراض: خطة علاج شاملة وفعّالة

على الرغم من أن القولون العصبي قد لا يُشفى تماماً في معظم الحالات، إلا أن الالتزام بخطة علاجية متكاملة يُسهم بفاعلية في السيطرة الكاملة على الأعراض وتحسين جودة الحياة بشكل ملحوظ. وتعتمد هذه الخطة على مزيج من التعديلات في نمط الحياة والعلاجات الطبيعية والدوائية:

1. تعديلات الغذاء والمكملات:

صديق الألياف الحكيم: يجب اعتماد نظام غذائي صحي غني بالألياف الطبيعية (الموجودة في الفواكه والخضروات)، لكن بكمية متوازنة، إذ أن الإفراط قد يزيد الانتفاخ. الأهم هو تحديد الأطعمة المهيجة التي تزيد من الغازات والانتفاخ وتجنّبها بشكل فردي.

فن تناول الوجبات: تناول الوجبات ببطء شديد ومضغ الطعام جيداً هو خطوة أساسية لتقليل كمية الهواء المبتلعة وتسهيل عملية الهضم.

المساعدة الحيوية (البروبيوتيك): يمكن الاستفادة من مكملات الـ Probiotics (البكتيريا النافعة) لتحسين توازن الفلورا المعوية ودعم عملية الهضم.

الترطيب المستمر: الإكثار من شرب السوائل (8 إلى 10 أكواب يومياً) أمر بالغ الأهمية، خاصة لمن يعانون من الإمساك.

الأعشاب المهدئة: استغل قوة الطبيعة عبر استخدام الأعشاب التي لها خصائص مهدئة للجهاز الهضمي، مثل النعناع، البابونج، بذور الشمر، والزنجبيل.

2. إدارة التوتر ونمط الحياة:

الراحة النفسية أولاً: القولون العصبي هو "مرآة التوتر"، لذا فإن ممارسة تمارين الاسترخاء، مثل اليوغا والتأمل، وتخفيف الضغط والتوتر النفسي أمر لا غنى عنه.

النوم الجيد: الحرص على الحصول على النوم الكافي والجيد ليلاً يساعد في تنظيم وظائف الجسم والجهاز العصبي.

النشاط البدني: ممارسة الرياضة بانتظام تخفف من التوتر وتحسن حركة الأمعاء بشكل طبيعي.

3. التدخل الدوائي (بإشراف طبي):

في الحالات التي لا تستجيب لتعديلات نمط الحياة، يمكن للطبيب وصف بعض الأدوية التي تساعد في إدارة الأعراض:

للسيطرة على الحركة: مضادات التشنج مثل (ميبيفيرين) لتخفيف آلام وتشنجات البطن.

لمعالجة الإمساك: مثل (هيدروكسيد المغنزيوم) أو أنواع أخرى من الملينات.

لمعالجة الإسهال: مثل (لوبيراميد) أو غيره من مضادات الإسهال.

للدعم النفسي: في بعض الحالات الشديدة، قد تُستخدم بعض الأدوية النفسية (كجرعات منخفضة من مضادات الاكتئاب) للتحكم في الحساسية المفرطة للأمعاء، ولكن هذا يجب أن يكون تحت إشراف الطبيب المختص فقط.

الرسالة الأهم هي أن الوعي والالتزام هما مفتاح السيطرة. القولون العصبي تحدٍ، ولكنه ليس قدراً لا يمكن التغلب عليه؛ فبتغيير بسيط في نمط الحياة، يمكن للمريض أن يستعيد السيطرة على جسده ويتمتع بحياة أفضل وأكثر هدوءاً.

مدار الساعة ـ