أخبار الأردن اقتصاديات دوليات برلمانيات وفيات أحزاب مجتمع وظائف للأردنيين مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات الموقف مناسبات جاهات واعراس مستثمرون شهادة جامعات بنوك وشركات خليجيات مغاربيات دين ثقافة رياضة اخبار خفيفة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

الكردي تكتب: العضّة بخمسة آلاف


جوان الكردي

الكردي تكتب: العضّة بخمسة آلاف

مدار الساعة ـ

في قرار أثار تفاعلاً واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي، أعلنت الجهات المعنية أنها قررت تعويض أي مواطن يتعرض لعضة كلب بمبلغ خمسة آلاف دينار..

هذا الخبر فتح الباب على سيل من التعليقات الساخرة التي حولت القرار الحكومي من شأن قانوني إلى نكتة وطنية جماعية.

فبدل أن يُنظر إلى القرار باعتباره خطوة لتنظيم مسألة الكلاب الضالة وتعويض المتضررين، استقبله الشارع الأردني على طريقته الخاصة، بروح من الدعابة الممزوجة بالمرارة.

انتشرت منشورات تقول: "ثلاث عضات بتسدد قرض البنك، أربع عضات بتشتري سيارة، خمس عضات بتتزوج"، و"ادهَن حالك بزيت التونة واطلع امشي بالشارع، يمكن الحظ يعضك".

تلك النكات التي غزت "فيسبوك" و"إنستغرام" و"إكس"، لم تكن مجرد ضحكة عابرة، بل كانت صرخة ساخرة تعبر عن عمق الأزمة الاقتصادية التي يعيشها المواطن، وعن مدى ما وصل إليه من يأس جعله يرى في "عضة كلب" فرصة تعويض ومصدر رزق محتمل.

المفارقة أن القرار، رغم أنه يُفترض أن يحمي الناس من خطر انتشار الكلاب الضالة (لا أعرف كيف)، إلا أنه تحول في وعي الشارع إلى نوع من "الفرصة الاستثمارية"، وكأن الكلاب أصبحت مشاريع اقتصادية متنقلة

بل إن بعضهم تخيل مشاهد مضحكة لمواطنين يتجولون في الأحياء باحثين عن كلب "مناسب"، أو يلتقطون معه صورة "قبل العضة" لتوثيق الحدث.

وراء كل هذه السخرية، تختبئ حقيقة لا تقل وجعا؛ الناس لم تعد تصدق أن الدولة قادرة على تعويضها عن غلاء الأسعار أو فقدان الوظائف أو فواتير الكهرباء والماء والبطالة وغلاء المعيشة، فكان التعويض متاحا فقط إن عضها كلب.

هي كوميديا سوداء أردنية بامتياز؛ تضحكك بقدر ما تؤلمك.

فالضحك هنا ليس سلوكا ترفيهيا، وإنما وسيلة مقاومة في وجه واقع اقتصادي ضاغط، ومشهد معيشي بات أغرب من الخيال.

القرار بحد ذاته ربما يحمل نية طيبة لحماية المواطنين وتنظيم التعامل مع الكلاب الضالة، لكن الطريقة التي تلقّاه بها الشارع تكشف حجم الفجوة بين لغة المسؤولين ولغة الناس، بين القرارات الرسمية ووضع المواطن ومزاجه.

وفي النهاية، يمكن القول إن الأردنيين، كعادتهم، حولوا حتى "عضة كلب" إلى مساحة للنكتة والإبداع ، لكن خلف الابتسامة تختبئ مرارة تقول:

"صرنا نضحك حتى لا نعض نحن الآخرين أو أنفسنا من القهر".

مدار الساعة ـ