أخبار الأردن اقتصاديات دوليات وفيات برلمانيات أحزاب مجتمع وظائف للأردنيين أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مقالات مختارة مستثمرون شهادة الموقف مناسبات جاهات واعراس جامعات بنوك وشركات خليجيات مغاربيات دين اخبار خفيفة ثقافة رياضة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

الشرع في موسكو.. ماذا هناك؟


د. حسام العتوم

الشرع في موسكو.. ماذا هناك؟

مدار الساعة ـ

وصل الرئيس السوري أحمد الشرع موسكو في زيارة دولة يرافقه وزير خارجيته أسعد الشيباني ومسؤولون سوريون بتاريخ 15 أكتوبر 2025، هي الأولى من نوعها منذ انقلابه وهيئة تحرير الشام على نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد في يناير 2025، وعلى كل نظام الأسد منذ عام 1971 بمساعدة تركية واضحة. وهي العاصمة التي تحتضن أيضا بشار الأسد وحاشيته في وقت تفصل فيه بين النظامين السوريين، وتحمي الأول الراحل لأسباب إنسانية، وتحافظ على الثاني بهدف الاستمراية وتحقيق أهداف بعيدة المدى، ولأن الأهم لها إستراتيجيا هو سوريا وليس ساستها فقط. ولقد اختارت موسكو للشرع طريقا من الدرج طويلا متعبا داخل قصر" الكرملين لاحظه الشرع الضيف وأخبر به الرئيس بوتين. وقصدت موسكو كما أعتقد التعريف بالكرملين الجميل ولمكوث الرئيس السوري فيه فترة أطول.

الرئيس الشرع بطبيعته منفتح على العالم، ومثلما وصل إلى سدة الحكم في دمشق بسرعة بعد حياة عملية مدججة بالنضال والكفاح وسط تاريخ منطقتنا العربية والشرق أوسطية المعاصر، سبق له أن التقى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في المملكة العربية السعودية وفي واشنطن، وارتاحت له أمريكا، ورحبت به روسيا التي تفصل بين شخصه ونظامه السوري الجديد الذي يتحول من الثورة إلى المدنية وفق برامج محددة، وبين شخص ونظام الأسد المنصرم بكل ماله وما عليه.و لروسيا طموح كبير في الشأن السوري، وهي مهتمة بتطوير العلاقات الروسية – السورية على أبواب القمة الروسية – العربية في شهر يناير المقبل بعد تأجيلها تاريخ 15 أكتوبر بسبب زيارة ترامب للمنطقة وتوقيع السلام في غزة، وهو الذي اعتبره الرئيس بوتين انجازا يحترم ويبنى عليه ليوم الوصول لحل الدولتين وقيام دولة فلسطين وعاصمتها القدس. وروسيا قطب شرقي عملاق يقود توجه عالم متعدد الأقطاب، ويؤمن بضرورة عودة إسرائيل لحدود الرابع من حزيران لعام 1967، وهو مطلب قانوني دولي وشرعي.

تحرص روسيا على ديمومة العلاقة مع سوريا وسط العرب، لأنها تشكل ميزانا لسياستها الخارجية وسط الحرب الباردة وسباق التسلح بين الشرق والغرب، وعلاقة روسيا أكبر من مجرد المحافظة على قاعدتي حميميم وطرطوس العسكريتين، وسبق لروسيا أن حررت سوريا من الأرهاب القادم إليها مع سحابة الربيع العربي عام 2011، حيث تدخلت عسكريا عام 2015 وبعد ذلك، وخلصت سوريا من سلاحها العسكري الكيماوي الذي هدد أمنها من طرف إسرائيل وأمريكا حينها. وعرضت روسيا ذاتها لحملة إعلامية غربية مسعورة صنفت بالفوبيا الروسية، فقط لأنها ناهضة وتتقدم، وتحقق نجاحات كبيرة في الشرق ووسط خارطة العالم. ولدى روسيا جاهزية التعاون الكبير مع سوريا مجددا لبناء جيشها وأجهزتها الأمنية بعد زوال نظام دمشق السابق.

السوريون وليس كلهم، والنظام السوري الجديد أيضا، وبعض العرب، يراهنون على إمكانية أن ينجح الرئيس الشرع بإقناع روسيا – بوتين بضرورة تسليم الرئيس بشار الأسد الهارب أو المهرب إلى دمشق، وهو المستحيل في العقيدة السياسية الروسية لأسباب إنسانية. وتصريح لسيرجي لافروف وزير خارجية روسيا في المجال نفسه قال فيه بأن روسيا لا تريد تكرار سيناريو القذافي. وثمة مراهنة مماثلة على مساعدة موسكو لدمشق على إعادة أموال سوريا المنهوبة من قبل نظامها السابق ذات العلاقة بمخزون البنك المركزي السوري، وهو أمر يحتاج لحوار متخصص طويل المدى، وفي وقته المناسب.

إذن لم تغلق روسيا أبوابها أمام دمشق، والعكس صحيح فتحتها على مصراعيها بهدف مزيد من التعاون. وكذلك الأمر حرصت دمشق على مواصلة العلاقة مع موسكو ولم تصغ لحراك نظام أوكرانيا ( كييف ) صوبها، رغم ترحيبها به من زاوية التوازن الدولي. وسوريا كما كل العرب تلتزم بالحياد والدعوة للحوار والسلام بين روسيا وأوكرانيا في حربهما الدائرة منذ عام 2022 وقبل ذلك عام 2014، وتحت مظلة الجامعة العربية، وهو موقف واحد موحد، وفي نهاية المطاف الحرب الأوكرانية شيوعا ليست حربا للعرب، لكن دورهم الحواري والداعي للسلام ولتقديم مساعدات إنسانية لشعب أوكرانيا المتضرر كما يعتقد هو المشروع، رغم أن الجانب الروسي في حربه الدفاعية التحريرية وليست الاحتلالية لايستهدف الأوكران ولا نظامهم السياسي ويحاورهم.

حيا الرئيس بوتين الديمقراطية الجديدة في سوريا القادرة على تمتين تلاحم المجتمع السوري، وهو الذي لم ينصت له الرئيس المخلوع بشار الأسد كما نعرف، وكان سببا في إنهيار نظامه بسرعة البرق.و سوريا – الشرع كما نلاحظها عن قرب في منطقتنا العربية منفتحة على العرب، وعلى الأقليم، وعلى العالم، ولا تريد حربا مع إسرائيل من زاوية توازن القوى لصالحها، وهي المدعومة من قبل حلف ( الناتو ) بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، بينما هي سوريا تمر في مرحلة إعادة البناء العسكري، والأمني، والأقتصادي، وهدفها بعيد المدى المحافظة على ترابها الوطني. والرئيس الشرع إبن الجولان، حيث ظهرت عائلة والده حسين هناك في بلدة الزوية، وهو من مواليد الرياض في المملكة العربية السعودية، لذلك، فإن حنينه للجولان – الهضبة العربية السورية حاضرا، وهويفضل في الوقت الحاضر الحديث عن تمسكه بالتراب السوري كاملا من دون ذكر منطقة جغرافية بعينها.

روسيا الاتحادية تتصرف كدولة عظمى، وتتمسك بالقانون الدولي، وهي صديقة دافئة للعرب، ولشرق وجنوب العالم وتفتح أذرعها لمجالات الصداقة مع بلاد الغرب الراغبة بالتعاون معها، وعلاقاتها مع أمريكا – الولايات المتحدة الأمريكية تحسنت كثيرا، رغم تقلبات السياسة الأمريكية وتصريحات رئيسها دونالد ترامب. وتراهن روسيا على دور متقدم لأمريكا، وكذلك أمريكا على روسيا لإيجاد مخرج عادل للأزمة الأوكرانية التي تحولت لحرب دائمة من قبل الغرب لا يراد لها أن تنتهي. وبكل الأحوال روسيا التي لم تبدأ الحرب مستمرة بالدفاع عن سيادتها وفقا لمادة ميثاق الأمم المتحدة رقم 751، وتحقق نجاحات عسكرية كبيرة فوق الطاولة الرملية بحجم 5000 كلم و221 بلدة أوكرانية سابقة، أصبحت روسية ودخلت الدستور الروسي، وهي ماضية في التحرير لتحقيق هدف العملية العسكرية الخاصة المساندة لصناديق الاقتراع في القرم والدونباس.

اللقائ الروسي – السوري رفيع المستوى دحض إشاعة خروج روسيا من سوريا، وبأن سوريا أغلقت قاعدتي حميميم وطرطوس العسكريتين، وبأن روسيا لم يعد لها موطء قدم في سوريا تماما كما رغب الغرب ذلك في أوكرانيا، لكن روسيا انتصرت في حربها الحالية، ووضعت حدا لكافة مؤامرات الغرب اللوجستية، والعسكرية، والإعلامية، والاقتصادية.

مدار الساعة ـ