أخبار الأردن اقتصاديات دوليات برلمانيات وفيات أحزاب مجتمع وظائف للأردنيين مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية الموقف مناسبات جاهات واعراس مستثمرون شهادة جامعات دين بنوك وشركات خليجيات مغاربيات ثقافة رياضة اخبار خفيفة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

البستنجي يكتب: صفّ الابتكار المستمر.. من التلقين إلى التمكين في بيئة تعلم متجددة وملهمة


إياد يوسف البستنجي

البستنجي يكتب: صفّ الابتكار المستمر.. من التلقين إلى التمكين في بيئة تعلم متجددة وملهمة

مدار الساعة ـ

سلسلة مقالات بداية العام الدراسي الجديد.

المرحلة الثالثة:

التمكين المعرفي والمهاري للمتعلمين

من التلقين إلى التمكين نحو تعليم نشط وفعّال

(الأثر المستدام والتطوير المهني المتجذّر).

▫ المقال الثاني:

صفّ الابتكار المستمر

من التلقين إلى التمكين في بيئة تعلم متجددة وملهمة.

في أحد الصفوف، أنهى المعلم شرحه كعادته، فرفع أحد الطلاب يده قائلًا:

أستاذ، هل يمكن أن نمثّل الدرس بدل أن نكتبه؟

لم تكن الإجابة التقليدية حاضرة، بل ابتسم المعلم وقال: "جرّبوا!".

ومن تلك اللحظة لم يعد الصف قاعة تلقين، بل صار مختبرًا للتجارب والأفكار.

هناك، بدأت رحلة التحول من التكرار إلى الإبداع، ومن التعليم إلى التعلم.

الصف ليس مجرد مكان لحفظ المعلومات أو تنفيذ الدروس، بل هو بيئة نابضة بالتجارب التعليمية والمبادرات الإبداعية، حيث تتفاعل الحياة الفكرية مع الوجدانية.

وعندما يتحول الصف إلى بيئة متجددة، يصبح الطلاب مشاركين نشطين، والمعلم قائدًا محفّزًا للفضول والاكتشاف.

كل درس يصبح مغامرة معرفية، وكل نشاط فرصة لاكتشاف الذات والآخر.

⿡ مفهوم الصف المُبتَكِرُ.

الصف المُبتَكِرُ: هو بيئة تعليمية تتكيّف مع احتياجات الطلاب وتنوّع مستوياتهم، وتتيح لهم حرية التعلم بالسرعة والطريقة التي تناسبهم.

إنه مساحة لإطلاق الأفكار، والتجارب، وحل المشكلات بشكل عملي، ضمن إطار من التعاون والتفكير الإبداعي.

ويقوم هذا الصف على دمج مهارات القرن الحادي والعشرين: التفكير النقدي، التعاون، التواصل، والإبداع.

▫ الصف المبتكر لا يصنع المعرفة فحسب، بل يصنع القيم والسلوكيات التي تترجم هذه المعرفة إلى ممارسات عملية.

▫ الهدف: جعل التعلم تجربة مستمرة تتجاوز الحصة اليومية، وتترك أثرًا طويل المدى في شخصية الطالب، ليصبح التعلم فعلًا للحياة لا للامتحان فقط.

⿢ استراتيجيات لتجديد الصف باستمرار.

-المشاريع القصيرة: تحفّز الابتكار والتعاون، مثل تحدي تصميم نموذج علمي أو حل مشكلة مجتمعية صغيرة.

-محطات التعلم المتنوعة: تنظيم الصف إلى محطات تعلم مختلفة لتلبية احتياجات الطلاب، مع أنشطة جماعية أو فردية تعزز التعاون والتنوع.

-المشاريع العملية: ربط الدروس بالواقع من خلال مشاريع قصيرة، عروض تقديمية، أو تطبيقات عملية ملموسة.

-إشراك الطلاب في تصميم الأنشطة: لمنحهم مساحة للاختيار واتخاذ القرار، وتعزيز المسؤولية والدافعية الذاتية.

-التعلم القائم على التحديات (Challenge-Based Learning): طرح مواقف حياتية واقعية يواجهها الطلاب بحلول عملية مبتكرة، مما ينمّي روح المسؤولية والمبادرة.

▫ أدوات داعمة

Padlet – Kahoot – Google Classroom – تطبيقات الواقع المعزز (AR).

أدوات الذكاء الاصطناعي التربوي (AI) لتصميم محتوى تعلمي مبتكر، وتوليد أفكار مشاريع، وتقديم تغذية راجعة فورية تسهم في التعلم الشخصي وتقليل الفجوات بين المتعلمين.

▫ مثال تطبيقي

في درس "دورة الماء في الطبيعة"، يمكن للطلاب ابتكار نموذج مصغر لدورة الماء أو تصوير تجربة مصوّرة، ثم مناقشة النتائج عبر منصة Padlet أو Canva، لتتحول المعلومة إلى تجربة حية وتفاعلية.

⿣ أثر الابتكار المستمر على الطلاب، زيادة المشاركة والتحفيز الذاتي.

تعزيز القدرة على التفكير النقدي وحل المشكلات.

بناء مهارات الاستقلالية والإبداع.

تحويل التعلم من عملية تقليدية إلى رحلة مستمرة مليئة بالاكتشاف والتحدي.

▫ توضيح تربوي:

حين يُسمح للطلاب بالخطأ والتجريب، فإنهم لا يتعلمون فحسب، بل يكتشفون ذواتهم ويطورون مهاراتهم الشخصية والمعرفية.

وقد عبّر النبي ﷺ عن هذه الفلسفة بقوله:

"كل ابن آدم خطّاء، وخير الخطّائين التوابون"،

في إشارة إلى أن الخطأ جزء من مسيرة النمو والتطور الإنساني.

⿤ دور المعلم في صفّ الابتكار.

-موجّه وميسّر: يوجّه الطلاب بدلًا من التحكم بهم، ويخلق بيئة داعمة للاستكشاف والتجريب.

-مبتكر مستمر: يجرب أساليب وأدوات جديدة ويقيّم أثرها على التعلم.

-قدوة مُلهمة: يظهر حماسه وفضوله للتعلم والاكتشاف، ويغرس في الطلاب الإيمان بأنّ الخطأ خطوة في طريق الاكتشاف.

▫ المعلم في هذا الصف ليس موجهًا فقط، بل قائد ملهم يعيش مع طلابه تجربة التعلم.

▪ حين يتعلم المعلم والطالب معًا، يصبح الصف مجتمعًا معرفيًا صغيرًا لا مجرد قاعة للتدريس.

▫تحديات محتملة وحلول عملية:

-ضيق الوقت: تنفيذ مشاريع صغيرة داخل الحصة أو كواجب منزلي.

-مقاومة بعض الطلاب: البدء بأنشطة ممتعة وتحفيزية مع مكافآت رمزية.

-قلة الموارد: استخدام أدوات بسيطة أو الاستفادة من البيئة المحيطة للأنشطة العملية.

⿥ تطبيق أسبوعي عملي للابتكار المستمر في الصف

ولتطبيق فكرة الصف المبتكر بشكل عملي ومنظّم، يمكن للمعلم أن يجعل أسبوعه الدراسي لوحة متجددة من التعلم النشط، من خلال توزيع الأنشطة بطريقة مرنة ومتسقة مع الأهداف التعليمية:

-الأحد: تحدٍ ابتكاري قصير باستخدام أدوات مثل Kahoot أو أدوات الذكاء الاصطناعي لتوليد أفكار مبتكرة لحل مشكلة صفية محددة.

-الإثنين: محطة تعلم متغيرة عبر أنشطة جماعية أو فردية باستخدام Padlet لإنتاج منتج جماعي أو نشاط تطبيقي.

-الثلاثاء: مشروع عملي قصير يربط الدروس بالواقع من خلال عروض تقديمية أو تطبيقات واقعية باستخدام Google Slides.

-الأربعاء: اقتراح أفكار وأنشطة جديدة بمشاركة الطلاب لتعزيز روح المسؤولية والدافعية الذاتية، ويمكن الاستعانة بـ Canva أو ملصقات ورقية.

-الخميس: جلسة مشاركة واستعراض إنجازات الطلاب باستخدام Forms أو عروض صفية قصيرة لتحليل النتائج وتقديم التغذية الراجعة.

▫ ملاحظة تربوية:

الهدف من هذا التخطيط الأسبوعي ليس التنويع فحسب، بل غرس عادة التفكير المتجدد والابتكار لدى الطالب والمعلم معًا.

ولتحقيق الاستدامة، يمكن لكل أسبوع أن يحمل طابعًا خاصًا مثل:

-أسبوع التحدي الرقمي

-أسبوع المشاريع المجتمعية

-أسبوع الإبداع الفني

-أسبوع الاكتشاف العلمي

بهذه الطريقة، تصبح البيئة الصفية نابضة بالتجديد، وتتحول الحصص إلى رحلات تعلمية ممتعة ومبتكرة.

⿦ مؤشرات الصف المبتكر

ارتفاع نسبة مشاركة الطلاب.

إنتاج أعمال إبداعية متميزة.

تفاعل نابع من الدافعية الذاتية لا من التوجيه المباشر.

تبادل الأفكار بحرية واحترام.

طرح الطلاب لأسئلة مفتوحة واستكشافية أكثر من الإجابة على أسئلة مغلقة.

ازدياد روح المبادرة والمخاطرة الفكرية داخل الصف.

▫ رؤية مستقبلية: نحو مدرسة متجددة بالابتكار

الصف المبتكر هو نواة المدرسة المبتكرة؛ يبدأ التغيير من داخل الحصة، لكنه يمتد ليصنع ثقافة مدرسية جديدة تؤمن بأن التعلم فعل يومي متجدد.

وعندما تزدهر صفوف الابتكار، تصبح المدرسة بيئة إبداعية يتعلم فيها الجميع — معلمين وطلابًا — كيف يفكرون بطريقة جديدة كل يوم.

? الصف المبتكر المستمر يجعل كل درس فرصة جديدة للتعلم والاكتشاف، ويحفز الطلاب على التفكير والإبداع والتعاون بشكل مستدام.

كل تجربة جديدة في الصف تزيد من أثر التعلم، وتبني جيلًا قادرًا على التحدي والمبادرة داخل الصف وخارجه.

▫ القاعدة الذهبية:

الصف الذي يتجدد باستمرار، يجعل الطلاب والمعلم في رحلة تعلم مستمرة لا تنتهي.

وحين يتجدد الصف، تتجدد معه العقول والقلوب، ليصبح التعلم فعل حياة لا ينتهي عند جرس الحصة… بل يبدأ منه.

مدار الساعة ـ